ما بين ٢١ و٢٦ سبتمبر ميلاد وطن ونكبة شعب

خاص
بكثير من الاحلام والاوجاع والتطلعات، ينتظر اليمنيون شمالا وجنوبا حلول الذكرى الحادية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر لاسترجاع ذكريات النضال الذي خاضه ابطال اليمن واحراره ضد النظام الأمامي الكهنوتي، واظهار قوة الجمهورية التي ظن الحوثيين بانهم قد استأصلوها من نفوس اليمنيين، وفي المقابل ينتظر الحوثيون -وحدهم- حلول الذكرى التاسعة للانقلاب واسقاط مؤسسات الدولة، فيما يصفونها ب”ثورة ٢١ سبتمبر”، وبين هذا وذاك، يظل الحكم الأخير للشارع اليمني الذي قال بان الفارق بينهما كبير.
مقارنة بين النقيضين
يقول المواطن “ناصر مفضل” لموقع الوعل اليمني “من امانة العاصمة، بان ٢٦ سبتمبر كان عبارة عن ميلاد وطن وقيام جمهورية وتأسيس دولة واستعادة هوية ومثل انعتاقا من حكم بغيض خرافي ظل جاثما على صدور اليمنيين لأكثر من قرن من الزمان استحل فيه اموالهم واعراضهم وارواحهم واستباح حرماتهم وجعل اليمنيين عبيدا لأولاد يحيى الرسي ونسائهم سبايا لهم، حكم كان يطلق على بنت السلالة لقب ” شريفة” وبنت القبيلي “حرة” وكأنها كانت سبية ثم اعتقت، وحرم الشعب اليمني من ابسط حقوقه، في حين يمثل انقلاب ٢١ سبتمبر النقيض من ذلك تماما، من عودة للنظام الامامي وتقبيل الركب وعهد الاقطاعيات والظلام والجهل، لذلك ف”السبتمبرين” نقيضين ومختلفين ومتضادين ولا مجال للمقارنة بينهما.
معركة وعي وحرية
وتحل ذكرى الثورة اليمنية ١٩٦٢ والانقلاب الحوثي ٢٠١٤ في الوقت الذي لا تزال فيه الجمهورية في صراع مرير مع قوى الإمامة التي عادت من جديد بدعم ايراني، ويخوض الشعب اليمني معركة الوعي والحرية ضد قوى الامامة والكهنوت وذلك من خلال احياء المناسبات الوطنية وتخليدها وتعليمها للأجيال، وكما يقول المواطن “ابراهيم حسين” ان “معركة الوعي لا تقل أهمية عن معركة السلاح التي تخوضها القوات المسلحة ضد الحوثيين وانصارهم والقوى الظلامية الاقليمية التي تحاول الانتقام من اليمن بدافع من الاحقاد التاريخية، وذلك بتثقيف الاجيال وتلقينهم مبادئ ٢٦ سبتمبر والاهداف الوطنية التي يحاول الحوثيون اليوم طمسها وتحريفها”.
وعن الفارق بين سبتمبر الوطن، وسبتمبر الكهنوت، يضيف ابراهيم:” ٢٦ سبتمبر شيدت المؤسسات وبنت اسس الدولة الحديثة ورسخت قواعد المساواة بين كافة ابناء الشعب، والغت التمييز الطبقي، اما نكبة ٢١ فقد حولت اليمن الى دولة فاشلة في جميع المجالات وهدمت اركان المجتمع ونشرت الحقد والطائفية وفعلت باليمنيين الافاعيل”.
مخرجات الحوار الوطني
ويتذكر المواطنون، مع اقتراب ذكرى مأساة الانقلاب، أهم الإنجازات التي قضى عليها الانقلاب وهي “مخرجات الحوار الوطني ” التي كانت بمثابة اللبنات الاولى لبناء الدولة المدنية الحديثة المنشودة، وبحسرة يقول الاستاذ ” بكيل” أن اليمنيين يجب ان يتذكروا بأن مجانية التعليم الاساسي وحتى الجامعي، كانت احد مخرجات الحوار قبل نكبة ٢١ سبتمبر المشؤومة، اما اليوم في عهد الانقلابين انت مجبر على دفع مالا يقل عن ١٠٠ الف ريال لابنك في الصف الاول الابتدائي وطل عام يزداد الرقم، وهذه احدى نتائج الانقلاب الذي يسميه الحوثي ثورة وهي في الحقيقة ثورة ضد حقوق وحرية الشعب بل ضد وجود الشعب نفسه.
وعن مخرجات الحوار الوطني، يضيف بكيل:” اضافة الى ذلك ضمن الحوار الوطني لكل فرد حقه في العمل وفي المساواة وفي السفر وفي الرأي والمعتقد واعتناق المذهب او الحزب الذي يريد وممارسة كامل حقوقه كإنسان، وهذه المخرجات هي منطلقة اصلا من مبادئ ٢٦ سبتمبر، ونكبة ٢١ على العكس من ذلك، الغت الحقوق واعادت الطبقية واغلقت الجامعات والمؤسسات التعليمية ونكلت بالمدرسين وبالطلبة، ووصف خطبائها اساتذة الجماعات بأنهم كلاب وخنازير وانجاس، وفرضت الجبايات والضرائب المثقلة وما يطول شرحه”.
ثورة البناء ونكبة الخراب
وكما يتفق اليمنيون باختلاف توجهاتهم وآرائهم على تمجيد “٢٦ سبتمبر”، يجتمعون كذلك على بغض “٢١ سبتمبر” واعتباره يوم اسود في تاريخ اليمن المعاصر، بعد ان طحنهم الجوع والفقر وانقطعت مرتباتهم وذاقوا الويلات على يد جماعة الحوثي، لدرجة ان المقارنة بحد ذاتها بين السبتمبرين يدفعهم للغضب والاستنكار، مثل المواطن” عدنان” الذي صرخ في وجوهنا قائلا:” لا تقارنوا بين تاريخين احدهما نهضة امة والاخر مصيبة وبلاء نزل على اليمن، ثورة ٢٦ سبتمبر كانت ثورة كل اليمنين رجالا ونساء وكبارا وصغارا شارك فيها الشيخ والشباب وحتى النساء والاطفال والفت باسمها الأغاني والأناشيد في الوطن العربي بأكمله، وكارثة ٢١ سبتمبر جعلت اليمن فزاعة وبؤرة للإرهاب في نظر العالم وقتلت المواطن اليمني وداست كرامته واهانت عزيز النفس في بيته واسالت دموع الأب امام افراد اسرته”.
واضاف ” يحاول الحوثيون جاهدين طمس ثورة ٢٦ سبتمبر من ذاكرة الشعب واستبدالها بنكبتهم ومصيبتهم السوداء ولكنهم لن يفلحوا في ذلك لان ثورة البناء والتنمية ستظل في ذاكرة التاريخ يتردد صداها جيلا بعد جيل، وسيظل احرار اليوم يقاومون قوى التخلف كما قاومها احرار الأمس فالمعركة لا تزال في أشدها والنتيجة محسومة سلفا، وسينتصر الشعب اليمني عاجلا أم آجلا”.