تقاريرتكنولوجيا
أخر الأخبار

معركة رقمية خفية… شبكة حسابات تدعم تدخل إسرائيل في سوريا بحجة الأقليات

مراد القوتلي


يكشف تحليل أجراه “عربي بوست” على نحو 20 ألف تغريدة عن حملة منظمة تقودها حسابات على منصة X، بعضها إسرائيلية وأخرى مرتبطة بموالين لنظام بشار الأسد. وتهدف الحملة إلى الترويج للمزاعم الإسرائيلية حول “ضرورة حماية الأقليات” لتبرير تدخل إسرائيل في سوريا، وضخ كميات كبيرة من المعلومات المضللة لإشعال التوترات الداخلية.

يُظهر التحليل معالم هذه الحملة، وأبرز الأطراف المشاركة فيها، والأساليب المستخدمة لتضخيم انتشار بعض التغريدات بشكل مقصود، وكيف يتم التلاعب بالمعلومات بشكل ممنهج، من خلال تضخيم الادعاءات حول وجود توترات بين المكوّن السني والطوائف الأخرى، والترويج لفكرة أن الأقليات بحاجة إلى حماية إسرائيلية.

وتعمل بعض الحسابات على إعادة إنتاج سردية تبرر التدخلات الخارجية أو دعم مشاريع انفصالية، وتتضمن تغريداتها أيضاً إشارات ومزاعم بأن سوريا كانت في وضع أفضل خلال حكم الأسد.

تنقسم الحسابات التي تتبعناها إلى 3 أقسام، والتغريدات التي حللناها هي ليوم 4 مارس/ آذار 2025 فقط:

1- حسابات إسرائيلية: بعضها معروف، وأخرى مجهولة الهوية، وتساهم في نشر محتواها حسابات من اللجان الإلكترونية الإسرائيلية، وحسابات بأسماء عربية، وأخرى موالية لنظام الأسد ومعادية للتغير الذي شهدته سوريا.

2- حسابات موالية لنظام الأسد: بعضها قديم، لكنه أصبح نشطاً بعد سقوط الأسد في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2024، إضافة إلى مئات الحسابات الأخرى التي أنشئت حديثاً منذ بداية 2025 وحتى يوم 4 مارس/ آذار، وتقوم هذه الحسابات بنشر أخبار مضللة وخاطئة بهدف التأجيج.

3- حسابات مجهولة: تدعم المزاعم الإسرائيلية حول “اضطهاد الأقليات” في سوريا، وضرورة حمايتهم من إسرائيل، وتلعب أيضاً دوراً كبيراً في نشر المعلومات المضللة وتأجيج الداخل السوري، بينما تزعم بعضها أن هويتها عراقية أو كردية.

تعمل هذه الحسابات المجهولة كحلقة وصل، حيث تعيد نشر محتوى حسابات إسرائيلية وأخرى موالية للأسد، مما يسهم في تضخيم تغريدات محددة وتعزيز انتشار الوسوم (الهاشتاغات) بهدف إيصال هذه السرديات إلى نطاق أوسع على منصة X.

ولفهم نوع المحتوى المشترك الذي تروج له الأطراف الثلاثة لشبكة الحسابات التي نتحدث عنها، حللنا من خلال التغريدات الوسوم التي استخدمتها هذه الحسابات في تغريداتها عن سوريا، ونشرت الحسابات وسوماً تدعو إلى تقسيم سوريا، مع تركيز خاص على محافظات الساحل السوري.

كما كررت وضخّمت نشر مزاعم بوجود “إبادة للعلويين”، إلى جانب وسوم مرتبطة بالدروز وإسرائيل، فضلاً عن أخرى تستهدف الإدارة السورية الجديدة عبر نشر أخبار مضللة عنها.

وسوم استخدمتها شبكة الحسابات التي تتبعناها – عربي بوست

تضخيم نشر تغريدات حسابات محددة على X

لإيضاح كيفية تضخيم تغريدات حسابات معينة وزيادة انتشارها على شبكات التواصل الاجتماعي، أنشأنا تصويراً مرئياً للتغريدات والحسابات الناشرة لها، يُظهر كيف يتم نشر تغريدات حسابات معينة (المُمثَّلة باللون الأخضر في الصورة التالية)، ثم تضخيم محتواها عبر تكثيف إعادة النشر وكتابة التعليقات من قِبَل شبكة واسعة من الحسابات (المُمثَّلة بالنقاط الزهرية)، مما يسهم في تعزيز وصول المحتوى إلى جمهور أوسع.

يكشف التحليل البصري أيضاً عن التداخل الواضح بين شبكات الحسابات الثلاث، حيث تلعب بعض الحسابات دوراً محورياً في نشر المحتوى، وتتلقى تفاعلات مكثفة خلال فترات قصيرة، ما يشير إلى دور الحسابات الوهمية أو الآلية (Bots) في تعزيز انتشار الرسائل المستهدفة.

هذا التضخيم لا يتم بشكل عشوائي دائماً، بل يعتمد على استراتيجية محددة تهدف إلى التلاعب بالنقاش العام، وإيصال رسائل معينة إلى شريحة أوسع من المستخدمين، مما يخلق انطباعاً زائفاً بوجود دعم كبير للأفكار التي تروِّج لها التغريدات.

ومن خلال تحليل الروابط بين الحسابات في هذا التصوير، تبيَّن أن هناك شبكة تعمل على إعادة نشر المحتوى الإسرائيلي والمناصر لنظام الأسد، والذي يتضمن شائعات وأخباراً مضللة تؤجج الشارع السوري.

تصوير مرئي للحسابات التي تُنشئ المحتوى وتضخيم انتشاره من قبل حسابات أخرى تعيد نشر نفس المحتوى بكثرة – عربي بوست

تبنّي محتوى شخصيات إسرائيلية وتضخيم نشره:

مع تصاعد تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول دعم “الأقليات في سوريا”، كثّفت حسابات إسرائيلية، معروفة ومجهولة، من نشر تغريدات تزعم فيها تعرّض الأقليات في سوريا للاضطهاد، مروّجة لضرورة تدخّل إسرائيل لحمايتها.

من أبرز الحسابات المشاركة في هذه الحملة:

إيدي كوهين: الصحفي الإسرائيلي المعروف.

مئير مصري: المحاضر في الجامعة العبرية.

جلعاد مائير: حساب مجهول يتفاعل مع حسابات أخرى ضمن اللجان الإلكترونية الإسرائيلية، مثل:

حساب “نصيري إسرائيلي”: يدعم تدخّل إسرائيل في سوريا، ويؤيد فكرة التقسيم، وتأسيس “جيش الدفاع العلوي”، ويروّج لمزاعم اضطهاد الأقليات.

حساب “Abu Baklava أبو بقلاوة”: يزعم أنه من الدروز، ويغرّد باللغتين العبرية والعربية، ويظهر دعمه للدروز في إسرائيل، كما ينشر تهديدات مماثلة لتلك التي أعلنتها إسرائيل حول “المساس بالدروز في سوريا”.

تحظى تغريدات هذه الحسابات، لا سيما حسابَي كوهين ومئير مصري، بتفاعل واسع بهدف تعزيز انتشار محتواها، لكن تحليل انتشار التغريدات يُظهر نمط نشر مثيراً للريبة، يشير إلى أن بعض الحسابات التي ساهمت في تضخيم تغريدات الحسابات الداعمة لإسرائيل، هي إما حسابات آلية (Bots) قادرة على النشر بكثافة في وقت قصير، أو تابعة للجان إلكترونية تعمل على تضخيم المحتوى لتعزيز السردية الإسرائيلية حول سوريا.

إضافة إلى ذلك، فإن بعض الحسابات التي تروّج للحسابات الإسرائيلية سبق لها أن عبّرت في تغريدات سابقة عن دعمها الصريح لنظام بشار الأسد، وهو ما سنعرض نماذج منه في الفقرات المقبلة.

تضخيم نشر تغريدات إيدي كوهين:

في هذه التغريدة، مثلاً، كتب كوهين يوم 4 مارس/ آذار 2025: “القمة العربية، لماذا لا يتحدثون عن المجازر ضدّ العلويين؟ أليسوا عرباً؟ أم أن الدم العلوي أرخص من الدم الفلسطيني؟؟؟”، وبيّن تحليل التغريدات أن حسابات مجهولة، لا يقل عددها عن 30 حساباً، أنشئت منذ بداية ديسمبر/ كانون الأول 2024، ساهمت بشكل كبير في نشر هذه التغريدة.

ومن خلال مقارنة تاريخ إنشاء الحسابات وحجم نشاطها، يتضح أنها تعمل بأسلوب مشابه للحسابات الآلية، التي تغرق منصة X بعدد كبير من التغريدات المحدّدة عبر إعادة التغريد وكتابة التعليقات، وذلك بهدف زيادة ترويج محتوى معين. فعلى سبيل المثال:

حساب @RuqiyaAlenezi، الذي أُنشئ يوم 30 يناير/ كانون الثاني 2025، لديه – حتى تاريخ 6 مارس/ آذار 2025 – 5788 تغريدة. ومن خلال مقارنة تاريخ إنشاء الحساب بعدد التغريدات، فإن معدل التغريد اليومي لهذا الحساب يبلغ 217 تغريدة يومياً، وهو ما يُعد نشاطاً مشبوهاً وغير طبيعي.

ووفقاً لفريق الدعاية الحاسوبية في معهد أكسفورد للإنترنت فإن نشر أكثر من 50 منشوراً يومياً يعد سلوكاً مريباً، فيما يعتبر مختبر الأبحاث الجنائية الرقمية الذي يعمل على كشف شبكات التضليل على منصات التواصل، أن نشر 72 منشوراً يومياً يعد مريباً.

ينطبق الأمر نفسه على حسابات أخرى شاركت تغريدة كوهين التي أشرنا إليها، وتغريداته الأخرى، ومن بينها حساب “Kemet91969” الذي أُنشئ يوم 3 مارس 2025، ولديه 1091 تغريدة، أي أن معدل النشر اليومي للحساب 365 تغريدة.

تظهر الصورة مجموعة حسابات مجهولة أُنشئت حديثاً وتروج لمحتوى كوهين، ومعدل نشر هذه الحسابات يثير الشكوك بالمقارنة مع تاريخ إنشاء الحسابات – عربي بوست

تتبعنا أيضاً انتشار تغريدة كوهين بين الحسابات الموالية لنظام الأسد، ووجدنا بأن العديد منها أعادت نشر نفس التغريدة على فيسبوك.

إعادة نشر تغريدة إيدي كوهين من قبل حسابات موالية لنظام بشار الأسد – عربي بوست – X – فيسبوك

تظهر هذه الصورة، تضخيم المحتوى الذي ينشره كوهين حول سوريا – عربي بوست

يُعد مئير مصري ثاني أبرز الحسابات الإسرائيلية التي يتم تضخيم محتواها حول سوريا، إذ يركّز على نشر تغريدات تزعم دعم إسرائيل للأقليات، خاصة العلويين والدروز، وتصويرها كحامية لهم. كما تتضمن تغريداته خطاباً طائفياً وتحريضياً، يهدف إلى تأجيج الانقسامات داخل المجتمع السوري.

ينشر مئير أيضاً معلومات مضللة وخاطئة، كزعمه أن الرئيس السوري أحمد الشرع “أمر الإعلام السوري بالكفّ عن استخدام مصطلح عدو إسرائيلي، واستبداله بكلمة إسرائيل”، في حين أن الشرع، وفي خطابه أمام الجامعة العربية يوم 5 مارس/ آذار 2025، قال عن إسرائيل إنها “العدو الذي لا يتوقف عن عدوانه”.

وفي يوم 4 مارس/ آذار 2025، نشر مئير تغريدة كتب فيها: “سوريا: السنة في حماية تركيا، الدروز في حماية إسرائيل، الكرد في حماية أمريكا، المسيحيون في حماية فرنسا، والعلويون، من يحميهم؟”

وسرعان ما انتشرت هذه التغريدة ووصلت إلى 103 آلاف شخص، وشاركها عشرات الحسابات المجهولة، التي يجمعها نمط إعادة نشر المحتوى نفسه، سواء من حسابات إسرائيلية تتحدث عن الأقليات في سوريا، أو حسابات موالية للنظام السابق.

حسابات مجهولة تشارك في نشر محتوى مئير مصري على نطاق واسع – عربي بوست
تظهر هذه الصورة، تضخيم المحتوى الذي ينشره مئير مصري حول سوريا – عربي بوست

على غرار إيدي كوهين ومئير مصري، ينشط حساب إسرائيلي آخر يحمل اسم “جلعاد مئير”، يركّز على ادعاء “اضطهاد الأقليات في سوريا”، متحدثاً بشكل متكرر عن العلويين والدروز، مع تلميحات مباشرة إلى دور إسرائيل في حمايتهم.

يتم تضخيم تغريدات هذا الحساب عبر حسابات مجهولة، تغرق المحتوى بالتفاعل من خلال إعادة التغريد والتعليقات والإعجابات، مما يرفع من مستوى انتشاره.

ومن خلال تحليل نمط التفاعل، تبيّن أن بعض الحسابات التي تروّج لمحتوى جلعاد مئير تقوم أيضاً بنشر محتوى مماثل من حسابات إسرائيلية أخرى تتحدث عن سوريا، إلى جانب دعمها لمحتوى حسابات موالية للنظام السابق.

شبكة حسابات موالية للأسد:

تضم هذه الشبكة حسابات لموالين لنظام بشار الأسد الهارب، وتنقسم هذه الحسابات إلى فئتين:

حسابات قديمة: يعود تاريخ إنشائها إلى سنوات مضت، لكنها لم تكن جميعها نشطة حتى هروب الأسد من سوريا في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، حيث كثّف بعضها من نشاطه فجأة بعد ذلك.

حسابات حديثة: أُنشئت مع بداية عام 2025 أو خلال وبعد معركة “ردع العدوان” التي انطلقت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وانتهت بالإطاحة بالنظام.

تركّز هذه الحسابات على نشر أخبار مضللة، وتقديم روايات منحازة حول التطورات في سوريا، حيث تصف جميع العمليات التي ينفذها الأمن العام السوري ضد فلول النظام السابق بأنها عمليات انتقامية ذات طابع طائفي، في محاولة لإثارة التوترات الداخلية.

كذلك، تبدي حسابات لموالين للنظام تأييدها لإسرائيل، وبعضها تعيد نشر تغريدات من حسابات إسرائيلية، وأخرى وجّهت شكراً لإسرائيل بعد تصريحاتها الأخيرة حول الأقليات في سوريا، وهو ما سنعرض نماذج منه.

من بين أبرز الحسابات الموالية للنظام، والتي تمثل جزءاً من شبكة الحسابات التي نتحدث عنها:

Vendetta – ڤينديتا: أُنشئ هذا الحساب عام 2011 كحساب شخصي، وكان يحمل اسم المستخدم (Amado290720). وفي السابق، كان صاحب الحساب ينشر تغريدات عن الرياضة وغيرها، وسبق أن أشار في إحدى تغريداته إلى أنه من منطقة في طرطوس، وتم التأكد من ذلك من خلال تتبّع حسابه على فيسبوك.

ظل معدل النشر في الحساب منخفضاً حتى ديسمبر 2024 تاريخ سقوط الأسد، ومنذ ذلك الحين، غيّر الحساب اسمه إلى “سوريا العلمانية”، وفي بداية مارس/آذار 2025 غير الاسم مرة أخرى إلى “ڤينديتا”.

حساب Amado290720، وسوريا العلمانية، وفينديتا يعودان لشخص واحد – عربي بوست


يؤيد الحساب بشار الأسد ويهاجم الفصائل التي أطاحت به، ويطلب الحساب من إسرائيل التدخل لـ”حماية العلويين” في سوريا، بحسب قوله.

يُظهر تحليلنا لتغريدات هذا الحساب أنه مدعوم بحسابات مجهولة تعيد نشر محتواه على نطاق واسع، وفي فترات زمنية متقاربة جداً، مما يُشير إلى دعم الحساب من قِبَل حسابات آلية أو لجان إلكترونية.

وفي مثال على ذلك، قام حساب @SahmSyria0 يوم 5 مارس/ آذار 2025 بإعادة نشر محتوى حساب Vendetta بأوقات متقاربة جداً، لا يتجاوز الفارق بينها ثوانٍ معدودة.

هذه الصورة تتضمن نموذجاً عن حساب يعيد تغريد المحتوى من حساب محدد بكثرة وخلال فارق زمني ضئيل – عربي بوست

2- حساب Mohammed Al-Jajeh: اسم المستخدم لهذا الحساب هو (mohammed_jajeh@)، ويصف صاحب الحساب نفسه بأنه “مفكر حر ناشط سياسي واجتماعي مستقل”، يعود تاريخ إنشاء الحساب إلى 2018، وهو من المعادين للمقاومة الفلسطينية، وسبق أن دعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة.

كثّف الحساب من نشره تغريدات مؤيدة للأسد منذ بدء معركة “ردع العدوان” وبعد هروب الأسد، والآن يلعب الحساب دوراً كبيراً في نشر معلومات مضللة وفي ترديد الدعاية الإسرائيلية، وإعادة نشر ما تنشره حسابات إسرائيلية عن سوريا.

من بين ما نشره الحساب، تغريدة تضمنت صورة تحتوي على قرار مزعوم بأن “الرئيس السوري أحمد الشرع” وجّه طلباً إلى محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء جنوب سوريا بعدم الخروج في مظاهرات ضد إسرائيل، لكن البيان غير صحيح. كما زعم أن الحكومة السورية تسببت في الحرائق بجبال الساحل، بينما في الحقيقة كان الدفاع المدني السوري هو من يعمل على إخمادها.

تحليل التفاعل على تغريدات Mohammed Al-Jajeh أظهر أن بعض منشوراته تصل إلى عشرات الآلاف من المستخدمين، بفضل إعادة التغريد المكثفة من قِبَل حسابات موالية للأسد وأخرى من اللجان الإلكترونية الإسرائيلية، التي تضاعف أعداد إعادة التغريد والإعجابات.

حسابات موالية لنظام الأسد وأخرى مجهولة تعيد نشر محتوى حساب Mohammed Al-Jajeh بكثرة – عربي بوست
تظهر هذه الصورة، تضخيم المحتوى الذي ينشره مئير حساب Mohammed Al-Jajeh حول سوريا – عربي بوست

تضم شبكة الحسابات الموالية للأسد أيضاً حسابات بأسماء مجهولة، بعضها ربط اسمه بالساحل السوري، وأخرى تتخذ من أسماء الطوائف اسماً لها، وتتشابه في سلوكها من حيث طبيعة المحتوى الذي تنشره، والحسابات التي تعيد نشر محتواها. كما أن بعض هذه الحسابات تم إنشاؤها منذ سنوات، في حين أُنشئت أخرى حديثاً.

تساهم هذه الحسابات في نشر معلومات مضللة، كما يروّج بعضها لمزاعم إسرائيل حول الأقليات في سوريا، وعزم الاحتلال على تقديم الحماية لهم.

حسابات مجهولة لنشر الرواية الإسرائيلية والمعلومات المضللة:

تمثل الحسابات المجهولة التي تنتحل هويات مختلفة الطرف الثالث في شبكة الحسابات التي تم تحليلها، حيث تلعب دوراً رئيسياً في إعادة نشر المحتوى الإسرائيلي والترويج للروايات التي تخدم مصالح إسرائيل في سوريا.

يُظهر التحليل أن العديد من هذه الحسابات لا تكتفي بالتفاعل مع حسابات إسرائيلية، بل تساهم أيضاً في تعزيز محتوى الحسابات الموالية للنظام السابق، مما يعزّز نشر الأخبار المضللة والشائعات حول الوضع السوري.

بعض هذه الحسابات تدّعي هويات عراقية أو كردية أو لبنانية أو يمنية، بينما يعود تاريخ إنشائها إلى الفترة بين بداية 2025 وحتى 3 مارس/ آذار 2025، في حين أن بعضها يكرّر الترويج لنفس الحسابات عدة مرات يومياً، مما يعكس وجود تنسيق منظم في عملية تضليل متعمدة.

نموذج عن حساب يعيد نشر محتوى أكثر من حساب من حسابات الشبكة التي تحدثنا عنها – عربي بوست
نموذج آخر عن حساب يعيد نشر محتوى أكثر من حساب من حسابات الشبكة التي تحدثنا عنها – عربي بوست

التدخل الإسرائيلي في سوريا:
ومنذ سقوط النظام يوم 8 ديسمبر 2024، رمت إسرائيل بثقلها في التدخل بسوريا، بدءاً من شنها أعنف الضربات على مواقع عسكرية، وتوغلاتها المتكرة بجنوب سوريا، وصولاً إلى تهديد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بتحرك عسكري لـ”حماية الدروز” في سوريا.

وترى إسرائيل بأن “سوريا المستقرة، لا يمكن أن تكون إلا فيدرالية وتضم مناطق حكم ذاتي مختلفة”، بحسب ما قاله وزير الخارجية جدعون ساعر، الذي زعم بأن الإدارة السورية الجديدة “تنتقم من العلويين وتؤذي الأكراد”.

وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن نية إسرائيل إنفاق مليار دولار، في محاولة لتأليب الدروز في سوريا على الإدارة الجديدة. فيما تشهد محافظة السويداء جنوب سوريا التي يقطنها الدروز، وقفات رافضة للتدخل الإسرائيلي في سوريا بحجة “حماية الأقليات”، وأبدت شخصيات اعتبارية في المحافظة تأييدها لوحدة الأراضي السورية.

وفي إشارة إلى مزيد من التدخلات الإسرائيلية في سوريا، توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الجمعة 7 مارس 2025، بأن تل أبيب “ستعمل على ضمان أن يكون جنوب سوريا منزوع السلاح وخاليا من التهديدات”، وأضاف أن إسرائيل “ستحمي السكان الدروز هناك”، في خطوة تعكس استغلال إسرائيل للورقة الطائفية، وسط رفض سوري واسع لهذه التصريحات.

تعكس تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشأن سوريا غضباً من تولي الإدارة الجديدة لزمام الأمور فيها بعد إسقاط نظام الأسد، التي تشير تقارير إعلامية وتصريحات مسؤولين إلى أن إسرائيل لم ترغب يوما في سقوطه و”كانت ترى فيه لاعباً مفيداً”، وفقاً لما أوردته وكالة الأناضول.

ما عزز هذا الاعتقاد بحالة “التعايش والتناغم” بين نظام الأسد وإسرائيل، قيام الأخيرة وفور سقوط النظام، بقصف مئات الأهداف ومخزونات الأسلحة الاستراتيجية التابعة للجيش السوري السابق خشية وصولها لقوات الإدارة الجديدة، كما استغلت إسرائيل الوضع الجديد بعد سقوط نظام الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة ومنطقة جبل الشيخ، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974.

زر الذهاب إلى الأعلى