هيومن رايتس: الانتقالي والحوثيين استولوا على مؤسسات إعلامية كبرى وأغلقوها منذ بدء الحرب

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن الأطراف المتحاربة في اليمن وتشمل الحوثيون و”المجلس الانتقالي الجنوبي” والحكومة اليمنية، ارتكبت انتهاكات حقوقية جسيمة ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في اليمن.
وأضافت المنظمة في تقرير لها في 51 صفحة، بعنوان “‘نتقرب إلى الله بتعذيب الصحفيين’: أن انتهاكات الأطراف المتحاربة المنهجية ضد الصحفيين وحرية الصحافة في اليمن”، بما في ذلك الاستخدام الواسع النطاق للاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية.
وأكد أن السلطات التابعة لأطراف النزاع جميعها انتهاكات أوسع ضد حق اليمنيين في حرية التعبير وضد وسائل الإعلام، شملت الاستيلاء على مؤسسات إعلامية، وترهيب الإعلاميين ومضايقتهم وعرقلة حركتهم وعملهم.
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: “تهدد الهجمات المتكررة للأطراف المتحاربة على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية حياة عشرات الصحفيين وتقوّض بشكل خطير حرية التعبير في اليمن. ينبغي للسلطات في اليمن بذل كل ما في وسعها لضمان تلبية الاحتياجات والحقوق الأساسية للناس، بدل الاعتداء على أولئك الذين لا يفعلون سوى نقل الأحداث وإسكاتهم”.
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 27 شخصا، بينهم 16 صحفيا، بين أكتوبر/تشرين الأول 2024 ومايو/أيار 2025. كما راجعت هيومن رايتس ووتش وحللت الصور والوثائق المتعلقة بالقضايا التي تم التحقيق فيها، بما فيه الوثائق الرسمية ولوائح الاتهام الصادرة عن المحاكم، من بين أدلة أخرى.
ووثّقت المنظمة 14 حالة انتهاكات ضد صحفيين على يد الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية، منهم خمسة كانوا حتى وقت قريب أو ما زالوا محتجزين تعسفا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023: ثلاثة على يد الحوثيين، واثنان على يد المجلس الانتقالي الجنوبي. أُخفِيَ أربعة منهم قسرا.
أشكال مختلفة للانتهاكات
في بعض الحالات احتجزت السلطات أفراد عائلات الصحفيين إما بالإضافة إلى الصحفي/ة أو بدلا منه/ها، وغالبا ما احتجزتهم كورقة ضغط لإجبار الصحفيين على “الاعتراف” بتهمة ملفقة أو لمنعهم من القيام بعملهم.
وقال أربعة صحفيين كانوا محتجزين سابقا إنهم تعرضوا لتعذيب شديد في السجن، بالإضافة إلى أشكال أخرى من سوء المعاملة.
وقالوا إنهم يعتقدون أن السلطات عاملتهم بوحشية أكثر من المحتجزين الآخرين لتخويفهم، وتخويف الآخرين، حتى لا يبلغوا عن انتهاكات السلطات وسوء إدارتها وفسادها.
أفاد عبد الخالق عمران، وهو صحفي أُفرج عنه، إن مسؤولا في سجن تابع للحوثيين قال له: “نتقرّب إلى الله بتعذيب الصحفيين”.
وأكد التقرير أن استهداف الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من قبل الأطراف المتحاربة أدى إلى انتهاك حرية التعبير في اليمن. فرّ العديد من الصحفيين من البلاد بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها، أو خوفهم من التعرض لانتهاكات من قبل الأطراف المتحاربة. أما أولئك الذين بقوا، فغالبا ما قلّصوا تغطيتهم الإخبارية لتجنب الاستهداف.
وقالت الصحفية المستقلة في عدن لبنى صادق (اسم مستعار) إنها حاولت إخفاء هويتها كصحفية عند المرور عبر نقاط التفتيش خوفا من رد فعل العناصر عند نقاط التفتيش إذا اكتشفوا مهنتها. وقالت: “حتى في جواز سفري، نصحني زملائي بكتابة مهنتي على أنها ‘طالبة’ لتجنب الوقوع في مشاكل عند نقاط التفتيش”.
قال عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأُسيدي إن “مساحة الحرية [الصحفية] تتقلص”. وقال هو وآخرون إن السلطات تراقب الصحفيين وتعتقلهم لأسباب تافهة مثل منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد السلطات.
وحسب التقرير فإن العديد من الصحفيين في اليمن خلال السنوات الـ 11 الماضية من القتال، وشمل ذلك اغتيالات محتملة على يد الأطراف المتحاربة. إلا أنه لم تجرِ تحقيقات كافية لتحديد المسؤولين في معظم الحالات التي وثّقتها هيومن رايتس ووتش.
الاستيلاء على المؤسسات الإعلامية
وأشار التقرير إلى أن الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي استولوا على مؤسسات إعلامية كبرى عدة في مختلف أنحاء البلاد وأغلقوها منذ بدء النزاع.
ووثّق الباحثون خمس حالات في السنوات الأربع الماضية، شملت “يمن لايف للإنتاج الإعلامي والبث الفضائي”، و”يمن ديجيتال ميديا”، و”صوت اليمن”، و”وكالة الأنباء اليمنية سبأ”، و”نقابة الصحفيين اليمنيين”.
وأوضح أن على عاتق السلطات في اليمن، بما فيها الحكومة اليمنية والحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي، تقع التزامات بموجب القوانين الدولية والمحلية لحماية حرية التعبير، بما يشمل الصحافة. بموجب القانونين الدولي والمحلي، على هذه السلطات أيضا الامتناع عن ممارسة الاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري أو التعذيب أو القتل.
ودعت هيومن رايتس الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تستغل جميع الفرص لإثارة مخاوف جادة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن خلال الدورة الـ 60 المقبلة لـ “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”، بما في ذلك إدانة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري بحق الصحفيين والإعلاميين الآخرين على يد الأطراف المتحاربة، والدعوة إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفا.
كما دعت أعضاء مجلس حقوق الإنسان أيضا إلى ضمان أن القرار بشأن اليمن الذي سيتم التفاوض عليه في الدورة الـ 60 يدين هذه الانتهاكات الحقوقية، ويدعو السلطات اليمنية إلى معالجتها فورا، ويطلب من “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” مراقبة الوضع وتقديم تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان.
وطالبت المقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب، والمقرر الأممي الخاص المعني بحرية التعبير، و”فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي”، و”فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي” بزيارة اليمن.
وفالت “ينبغي لهم استغلال هذه الزيارة لرصد حالة حقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات الحقوقية والإبلاغ عنها، بما في ذلك الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين، مثل الاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب”.
وقالت جعفرنيا: “ينبغي لجميع الأطراف المتحاربة الإفراج فورا عن الصحفيين الذين ما يزالون محتجزين ظلما، ووقف انتهاكاتها ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية. كما ينبغي للمجتمع الدولي إنهاء تقاعسه عن التصدي للانتهاكات المستمرة في اليمن، وأن يضمن مساءلة الأطراف المتحاربة”.