بعد ساعات من القصف الأخير الذي شنه الاحتلال على ميناء الحديدة في اليمن، الأحد 29 سبتمبر/ أيلول 2024، تداولت حسابات إسرائيلية بشكل واسع مقاطع فيديو تظهر خريطة “إسرائيل الكبرى”، ضمت أراضي دول عربية، وبعضاً من تركيا.
النوايا الإسرائيلية لم تعد تخفى على أحد، فبعد حرب استمرت عاما كاملا على غزة، تعالت الدعوات لإعادة الاستيطان على أنقاض المنازل التي دٌمِّرتْ في القطاع.
كما أنها لم تقف عند هذا الحد، بل وصلت إلى لبنان، حيث انتشرت دعوات للاستيطان في جنوب لبنان مع بدء الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على بيروت.
كذلك تعالت الأصوات الأشد يمينية داخل دولة الاحتلال التي تطالب بتطبيق “وعد الله لإبراهيم” بالاستيلاء على كامل أراضي “إسرائيل الكبرى”.
وتعود أصل فكرة “إسرائيل الكبرى” إلى ما يدعيه اليهود عن الوعد الذي قدمه الله إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام بمنحه مجموعة من الأراضي تمتد بين نهر الفرات ووادي العريش.
ورغم ارتفاع وتيرة هذه الأصوات داخل تل أبيب منذ بدء الحرب على غزة، إلا أن الملفت في خريطة “إسرائيل الكبرى” التي تم نشرها على مواقع التواصل بشكل واسع هو ضمها لمدن وعواصم عربية جديدة لم تكن معهودة من قبل.
ففي أبرز ما تجرأ به السياسيون الإسرائيليون بشكل رسمي كان ما قام به وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، في مارس/آذار 2023، حينما خرج في خطاب وأمام منصته خريطة لإسرائيل تضم فلسطين والأردن فقط.
لكن الخريطة الأخيرة التي انتشرت بشكل واسع ضمت أرضي واسعة من مصر شملت سيناء حتى القاهرة، ومن أراضي السعودية، حتى ضمت المدينة المنورة، وكذلك الكويت والعراق وسوريا ولبنان، وأراضي من جنوب تركيا.
فمن أين خرجت هذه الخريطة وهل لها أصل تاريخي، هذا ما حاول “عربي بوست” التحقق منه من خلال البحث في بعض المصادر الرسمية لدى الاحتلال على الانترنت، كالمكتبة الوطنية في تل أبيب، ومكتبة الجامعة العبرية، وبعض المصادر الأكاديمية الأخرى.
بدء انتشار الخريطة
في يناير/ كانون الأول 2024، وبعد 3 أشهر على بدء الحرب الإبادية ضد قطاع غزة، خرج الكاتب والسياسي الإسرائيلي آفي ليبكين في مقابلة مصورة ليقول: “إن حدود إسرائيل ستمتد من لبنان إلى السعودية، وذلك بعد ضم مكة المكرمة والمدينة المنورة وجبل سيناء”.
في هذه المقابلة التي لم تمر مرور الكرام ، بل تحدثت ونشرت عنها وسائل إعلامية دولية كالموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة القطرية “الجزيرة نت”، وشبكة “يورو نيوز” الأوروبية ومواقع أخرى، ظهرت خريطة لـ”إسرائيل الكبرى” كما يتصور الكاتب تحقيقها، تشمل مساحة واسعة من سيناء ، وأراضي مصر، وشمال السعودية، والكويت ، والعراق، والأردن، وسوريا، ولبنان ، وجنوب لبنان، وقد ظُللت بالأزرق.
وقال ليبكين في المقابلة: “اعتقد أن حدودنا ستمتد في نهاية المطاف من لبنان إلى الصحراء الكبرى، أي المملكة العربية السعودية، ثم من البحر الأبيض المتوسط إلى الفرات، ومن الجانب الآخر من الفرات سيكون الأكراد”.
وأضاف “إذن، لدينا البحر المتوسط خلفنا والأكراد أمامنا، ولبنان الذي يحتاج حقاً إلى مظلة حماية إسرائيلية، واعتقد أنه بعد ذلك سنأخذ مكة والمدينة وجبل سيناء، وسنعمل على تطهير تلك الأماكن”.
ليبكين، يعرف نفسه كـ”سياسي إسرائيلي أسس حزبًا يهوديًا مسيحيًا خاض الانتخابات البرلمانية باسم “كتلة الكتاب المقدس”، وله صور تبدو أنه مقرب من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بحسب موقعه الالكتروني.