أطفال المغرب يلجأون إلى التكنولوجيا الرقمية لحمايتهم من التنمر

تسعى السلطات المعنية بالطفولة في المغرب لاستغلال التكنولوجيا الرقمية بهدف حماية الأطفال من التنمر داخل المؤسسات التربوية، ليكون هذا الفضاء أكثر أمانا لهم.

وتعزيزا للوعي بمخاطر التنمر داخل المدارس وتعزيز القدرات النفسية والاجتماعية للطلاب، أطلقت شركة “أورانج” المغرب برنامجا لمكافحة التنمر المدرسي والإلكتروني ، بالتعاون مع المرصد الوطني لحقوق الطفل، ووزارة التربية الوطنية، والمديرية العامة للأمن الوطني، ومركز الموارد والدراسات المنهجية لمكافحة التنمر المدرسي، ومؤسسات أخرى، مع التركيز على تثقيف العائلات والمهنيين العاملين في المدارس للتقليل من حالات التنمر داخل المدارس، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، ودعم الضحايا والشهود.

وأوضحت نادية امرابي، مسؤولة المشاريع الرقمية والاجتماعية لدى “أورانج” المغرب، أن “مسؤوليتنا الاجتماعية هي العمل من أجل عالم رقمي أكثر أمانا وشمولية، لذلك نحن نضع التكنولوجيا في خدمة حماية الأطفال وتعليمهم، وأن الشركة من خلال هذا البرنامج تلتزم بجعل التكنولوجيا أداة للتقدم والأمان،” مشيرة إلى أن البيئة الرقمية المحترمة ليست فقط حقا للشباب والأطفال، بل هي أيضا مسؤولية جماعية. وأكدت أن هذا المشروع يهدف بشكل أساسي إلى إنشاء فرق موارد في المدارس المتوسطة لمحاربة التنمر الإلكتروني والمدرسي.

وأضافت مرابي أن هذه الظاهرة التي تؤثر على الأطفال ومستقبلهم تتطلب تعبئة جماعية غير مسبوقة، مؤكدة أن “في ‘أورانج’ المغرب مسؤوليتنا الاجتماعية هي العمل من أجل عالم رقمي أكثر أمانا وشمولية، لذلك نحن نضع التكنولوجيا في خدمة حماية الأطفال.”

وحسب الفاعلين سيتم في إطار المرحلة الثانية من البرنامج تنفيذ مشروع تكوين المدربين. حيث سيقوم هؤلاء المكونون، الذين سيتم اختيارهم من مراكز التدريب الجهوية للأساتذة، بتدريب فرق التدخل المحلية في المؤسسات التعليمية. أما في المرحلة الثالثة فسيقوم البرنامج بتكوين تلاميذ سفراء ليكونوا حلقة وصل بين زملائهم والطاقم التعليمي، والمساهمة بشكل فعال في الوقاية ودعم الضحايا، مع تعزيز روح التضامن في المدارس.

وقام مركز الموارد والدراسات المنهجية لمكافحة التنمر المدرسي، بالتعاون مع الشركاء و”أورانج” المغرب، في سياق دعم المكونين، بإعداد دليل خاص بهم، بحيث سيكون أداة أساسية لضمان نقل المهارات بشكل فعال في مجال مكافحة التنمر، مع التأكد من أن كل مؤسسة يمكنها العمل بشكل مستقل، فيما يطمح هذا البرنامج المبتكر في النظام التعليمي الوطني إلى تكوين أكثر من 6500 أستاذ بحلول 2026، والوصول إلى أكثر من 2200 مدرسة، مع هدف التعميم على المستوى الوطني في المستقبل.

وأشارت أمل حسون، رئيسة مشروع مركز الموارد والدراسات المنهجية لمكافحة التنمر المدرسي في المغرب، إلى أن العديد من الدورات التكوينية قد تم تقديمها في إطار البرنامج التجريبي، لافتة إلى أنه تم تدريب معلمي المدارس الإعدادية والثانوية على التواصل غير العنيف والانضباط الإيجابي لتحسين المناخ المدرسي والكشف عن حالات التنمر.

وأضافت أن الورشات التي تم تنظيمها ساعدت المعلمين والموظفين على تطوير مهاراتهم في الوقاية من التنمر الإلكتروني وإدارته، باستخدام طرق مناسبة للتعامل مع التنمريْن التقليدي والإلكتروني، مشيرة إلى أن الهدف الرئيسي لهذا البرنامج هو تأسيس فريق قادر على التعامل مع حالات التنمر والتنمر الإلكتروني باستخدام طريقة “الاهتمام المشترك”.

من جانبه أبرز جون بيير لوبون، مدير مركز الموارد والدراسات المنهجية لمكافحة التنمر المدرسي، أن الأمر يتعلق بآلية تروم خلق فرق داخل المؤسسات التعليمية من أجل مكافحة العنف المدرسي عن قرب، ومرافقة ضحاياه ومواكبتهم ومواكبة أسرهم في مواجهة المعاناة التي تنتج عنها، لاسيما العزلة والإهمال، مشيرا إلى أن هدفهم هو التغلب على التفاصيل الصغيرة التي تمر في الغالب دون أن تلاحظها أطر المدارس، كالسخرية والتنابز بالألقاب وعزل بعض التلاميذ، وهي تفاصيل تجعل الحياة صعبة لدى التلاميذ الذين يتعرضون لها.

وأكد لوبون أن ظاهرة العنف المدرسي تعتبر ظاهرة جماعية تعتمد في الغالب على محاكاة التلاميذ للمضايقات تجاه فرد منهم، مشيرا إلى أن الأولوية هي وجود فريق في الوسط من شأنه كسر هذا التأثير الجماعي السلبي، والعمل بجميع الوسائل التكنولوجية والتعليمية على جعل التلاميذ يستشعرون الأمان بشكل أكبر داخل المدارس.

وتلتزم المملكة، بشكل فعال، بحماية الأطفال من الآثار المدمرة للتنمر المدرسي والإلكتروني من خلال تبني إستراتيجيات ومبادرات متعددة وتنظيم حملات تهدف إلى توعية التلاميذ والأطر التربوية وأولياء الأمور بمختلف أشكال التنمر وتداعياتـه على صحة الأطفال النفسية والجسدية.

واعتمدت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي منذ سنة 2022 مشروعين تجريبيين للمساهمة في مكافحة التحرش الإلكتروني والتنمر في الوسط المدرسي، وذلك داخل عدة مؤسسات إعدادية في أكاديميتي الرباط وطنجة، وسيتم العمل على تعميم هذا التكوين على عدد من مؤسسات التعليم الثانوي والإعدادي لفائدة الأساتذة وأطر الدعم التربوي وأطر التوجيه، بالنظر إلى تفشي هذه الظاهرة في الأوساط العمرية التي تتراوح بين 10 سنوات و14 سنة.

وبالموازاة مع برنامج “أورانج” كشركة خاصة تتواصل الحملة التي أطلقها المرصد الوطني لحقوق الطفل، تحت الرئاسة الفعلية للأميرة للا مريم، رئيسة المرصد، تحت شعار “لنعمل معا”، والرامية إلى مكافحة التنمر داخل الوسط المدرسي والوقاية منه. ويتضمن برنامج هذه الحملة التي تجسد عزم المغرب على حماية أطفاله من التنمر المدرسي، الآفة العالمية التي تتطلب التزام الجميع، عرض كبسولة تحسيسية أعدها أخصائيون في الطب النفسي للأطفال، داخل 3770 مؤسسة تعليمية ثانوية وإعدادية مجهزة بقاعات وحقائب متعددة الوسائط، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.

Exit mobile version