أعلنت شرطة العاصمة البريطانية لندن، الأحد، أنها اعتقلت 890 شخصاً ضمن عصيان مدني ضد تجريم حركة بالستاين أكشن بقانون الإرهاب، وللاحتجاج على موقف الحكومة البريطانية من الإبادة الجماعية في غزة.
واستمر تنفيذ عناصر شرطة العاصمة الاعتقالات حتى ساعات المساء المتأخر، والتي بدأت منذ ساعات الظهيرة، وذلك بدعوى تماثل المعتصمين في ساحة البرلمان مع حركة محظورة، من خلال رفعهم لافتات كُتب عليها: “أنا أعارض الإبادة الجماعية، أنا أدعم بالستاين أكشن”.
وأوضحت الشرطة أن 857 شخصاً من المشاركين في الاحتجاج الذي جرى في ساحة البرلمان بلندن، اعتقلوا استناداً إلى قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000 بتهمة “ارتكاب مخالفات قانونية”.
وأضافت أن 33 شخصاً آخرين اعتقلوا بتهم أخرى، بينما تم احتجاز 17 منهم للاشتباه في قيامهم بالاعتداء على عناصر الشرطة.
وقالت نائبة مساعد مفوض الشرطة، كلير سمارت، التي قادت العملية الأمنية: “أثناء أداء مهامهم اليوم، تعرض ضباطنا للضرب والركل والبصق، وأُلقيت عليهم أشياء من جانب المحتجين”.
وأضافت: “من غير المقبول أن يتعرض من تقع على عاتقهم مهمة فرض القانون وحماية الناس، وفي هذه الحالة توقيف أشخاص ارتكبوا مخالفات بموجب قانون الإرهاب، لمثل هذا المستوى من الاعتداء”.
وزعمت الشرطة أن بعض المحتجين مارسوا اعتداءً جسدياً ولفظياً في “محاولة منسقة لمنع الضباط من أداء مهامهم”، مشيرةً إلى أن أكثر من 25 من التوقيفات كانت بتهمة الاعتداء.
وذكرت كلير سمارت أن غالبية التظاهرات، بما فيها مسيرة “الائتلاف من أجل فلسطين” (Palestine Coalition) التي شارك فيها نحو 20 ألف شخص، مرت مع تسجيل توقيفات قليلة جداً، قائلة: “الأمر لم يكن كذلك في التظاهرة التي نظمت “دعماً للجماعة الإرهابية المحظورة فلسطين أكشن”.
وأضافت: “التكتيكات التي اعتمدها داعمو فلسطين أكشن في محاولتهم إرباك النظام القضائي، إضافةً إلى مستوى العنف الذي ظهر في صفوف الحشد، استدعت موارد كبيرة وأخرجت الضباط من أحيائهم على حساب سكان لندن الذين يعتمدون عليهم”.
ووثق “العربي الجديد” عشرات الاعتقالات التي استخدم في بعضها العنف ضد المعتصمين والمشاركين المناصرين الآخرين، وسط أجواء متوترة ومشحونة، وهتافات تتهم عناصر الشرطة بالوقوف إلى جانب مرتكبي الإبادة في غزّة، فيما تعرض عدد من الأفراد لإصابات طفيفة جراء التدافع.
وقالت كلير سمارت، نائبة مفوض شرطة العاصمة، التي قادت العملية: “أثناء تأدية واجباتهم اليوم، تعرّض ضباطنا للكم والركل والبصق، كما أُلقيت عليهم أشياء من قبل المتظاهرين. من غير المقبول أن يتعرض لهذه الأعمال من تقع على عاتقهم مسؤولية إنفاذ القانون والحفاظ على سلامة الناس”.
وردّت منظمة “الدفاع عن هيئات المحلفين” في بيان بوقت سابق، على ادعاء مماثل من الشرطة، قائلةً إن الضباط “اعتدوا بعنف على متظاهرين سلميين، بمن فيهم كبار السن، في محاولة لاعتقال أكثر من ألف شخص لحملهم لافتات كرتونية”، ونشرت فيديو لضباط يدفعون الناس أرضاً.
وقال متحدث باسم منظمة “الدفاع عن هيئات المحلفين”: “على الرغم من إصرار مارك رولي على أن الشرطة قادرة على اعتقال كل من يعارض الحظر، وستفعل ذلك، سيستغرق الأمر 36 ساعة أخرى لاعتقال الجميع بهذا المعدل. لقد شنّت إيفيت كوبر أكبر هجوم على حرياتنا المدنية في الذاكرة الحية، وقد ارتدّ بنتائج عكسية بشكل مذهل. الآن، بعد أن تركت إيفيت كوبر منصبها، يجب أن يرافقها الحظر”.
وأضاف: “هذا يُظهر لوزيرة الداخلية الجديدة في أول يوم لها في منصبها أن حظر “العمل من أجل فلسطين” مستحيل التنفيذ، وهو إهدارٌ سخيف للموارد. لم تُصمّم قوانين الإرهاب لتُستخدم ضد جماعة احتجاج محلية، أو لاعتقال الآلاف من أفراد المجتمع المدني لحملهم لافتات كرتونية”.
“احتجاج سلمي”
في المقابل، قال ناطق باسم منظمة “الدفاع عن هيئات المحلفين” (Defend Our Juries) إن التجمع كان “صورة للاحتجاج السلمي”، واصفاً تصريحات شرطة العاصمة عن تعرض ضباطها لاعتداءات بأنها “ادعاء مثير للدهشة”.
وأضاف: “كنت هنا طوال اليوم، ولم أر أي عنف أو عدائية من أي أحد، بل رأيت العنف والعدائية من جانب الشرطة فقط”.
وشوهد بعض الضباط وهم يشهرون عصيهم، بينما قام متظاهرون بخطوات داعمة لجماعة “فلسطين أكشن”. كما شوهد رجل يسيل الدم من وجهه خلف حاجز بعد توقيفه، في حين ردد الحشد هتافات “عار عليكم” و”أنتم تدعمون الإبادة”.
وشهد الجزء الغربي من ساحة البرلمان مشاهد توتر، حيث سقط عدة متظاهرين أرضاً بسبب التدافع، فيما ألقى البعض المياه على الضباط.
وبحسب “سكاي نيوز”، فإن مئات الأشخاص كانوا يرفعون لافتات تؤكد دعمهم لحركة “فلسطين أكشن”، وهم يدركون أن ذلك في حد ذاته جريمة، إذ كانوا يجلسون بانتظار توقيفهم.
وأعلنت شرطة العاصمة عن أولى التوقيفات عبر منصة “إكس”، بعد 12 دقيقة فقط من الموعد الرسمي لبدء التظاهرة.
وقالت منظمة “الدفاع عن هيئات المحلفين”، الجهة المنظمة للاحتجاج، إنها قدرت عدد المشاركين بنحو 1500 شخص، رفع كثير منهم لافتات كتب عليها: “أعارض الإبادة. أدعم فلسطين أكشن”.
وفي تحديث صدر مساء السبت، قالت الشرطة: “لن نتسامح مع أي اعتداءات على الضباط، وتم تنفيذ توقيفات بالفعل. سنحدد هوية جميع المسؤولين ونقاضيهم إلى أقصى حد يسمح به القانون”.
وحذرت الشرطة قبل انطلاق التظاهرة من أن “إظهار الدعم لجماعة محظورة يُعد جريمة بموجب قانون الإرهاب”، مؤكدة: “أينما يرصد ضباطنا مخالفات، سننفذ توقيفات”.
ورفض بعض المعتقلين ذكر أسمائهم وبيانات الاتصال بهم، مما حال دون إطلاق سراحهم بما يسمى “كفالة الشارع”، وأجبر الضباط على احتجازهم. ونُشر أكثر من 1200 شرطي للتعامل مع احتجاج ساحة البرلمان، ومسيرة وتجمع منفصلين مؤيدين لغزة في وايتهول نظمتهما حملة التضامن مع فلسطين. وقد جُنّد أكثر من 200 من هؤلاء الشرطيين من قوات خارج لندن، بمن فيهم ضباط من ويلز.
ما هي حركة Palestine Action؟
وكانت جماعة “فلسطين أكشن” أُدرجت على قائمة الإرهاب منذ 5 يوليو الماضي، بعدما صوت النواب البريطانيون بغالبية ساحقة لصالح المقترح الذي قدمته وزيرة الداخلية آنذاك، يفيت كوبر، ما جعل من غير القانوني إظهار أي دعم للجماعة.
وجاء حظر الجماعة، بعد أيام من تعرض طائرتين من طراز “فوييجر” لأضرار تقدر بنحو 7 ملايين جنيه إسترليني في قاعدة “آر إيه إف بريز نورتون” في أوكسفوردشاير 20 يونيو الماضي، احتجاجاً على دعم بريطانيا العسكري لإسرائيل.
وتُعد “فلسطين أكشن” أول جماعة تُدرج في إطار تعريف قانوني بريطاني جديد للإرهاب، يشمل الأضرار الجسيمة بالممتلكات وليس فقط العنف ضد الأشخاص، كوسيلة لتحقيق غاية سياسية، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
ووضع هذا التصنيف الجماعة في مرتبة قانونية واحدة مع تنظيمات مثل “القاعدة”، كما جعل عضويتها أو المشاركة في أنشطتها جريمة يعاقب عليها القانون، إلى جانب تجريم بعض أشكال التعبير العلني عن دعمها.
ويجرم القانون المستخدم ارتداء أو عرض أو نشر أي شيء يمكن أن “يثير شبهة معقولة” حول إظهار دعم لجماعة محظورة.
وأدانت منظمات دولية لحقوق الإنسان قرار الحكومة البريطانية بحظر “فلسطين أكشن”، فيما دافعت الحكومة عن القرار، إذ قال وزير الأمن، دان جارفس، إن الجماعة “تجاوزت العتبة القانونية لتعريف الإرهاب”.