بدأ في عمله متوهجًا ومُتحمسًا لما يُنجزه من أعمال، أو تُسند له من مهام. وكانت له رغبة وحافزية في اكتساب المهارات وتَعَلُّم الخبرات قصد إتقان عمله، وتجويد أدائه. هكذا كان حاله في السنة الأولى والثانية من عمله.
لكن ذلك الحماس سرعان ما بدأ يخبو، وتلك الرغبة سرعان ما بدأت تنطفئ.
كان يظن أن تلك الأفكار المبدعة التي يحملها في عقله سيجد إدارة تحتضنها، ومديرًا أو قائدًا مُبدعًا ومُحَفِّزًا يُعزّز مهارات العمل الجماعي بين فريق العمل، ويُلهمهم ويدفعهم لتحقيق الأهداف المشتركة بكفاءة وفعالية.
كان يظن أنه سيجد بيئة عمل مشجعة للأفكار الجديدة والمبتكرة، حيث يشعر الأعضاء بالحرية في التعبير عن أفكارهم وتجريب حلول جديدة، وتُمكِّنهم الإدارة المُشغِّلة من توفير الدعم والموارد اللازمة لتنفيذ الأفكار الجديدة وتشجيع الأعضاء على التفكير خارج الصندوق وتحقيق الإبداع.
لكن كل ما سبق لم يجده الموظف المبدع، بل وجد إدارة تقليدية ونمطية لديها حساسية عالية تجاه التغيير والتطور، تُحبط الموظفين المُبدعين والطموحين، وتُدخلهم مرحلة الاحتراق الوظيفي.
فقد أصبح موضوع الاحتراق الوظيفي أو الاحتراق النفسي مجال اهتمام كثير من الباحثين في فروع مختلفة للعلم؛ وقد وصفوا القرن الحالي بأنه عصر الضغوط النفسية والاحتراق الوظيفي؛ وذلك نتيجة للآثار المترتبة عن ظروف وبيئة العمل، ناهيك عن المحيط الخارجي للموظف.
وتعد مهنة التدريس ضمن المهن التربوية والنفسية والاجتماعية والتي يعاني مُزاولوها من ضغط نفسي مستمر يَصِل إلى حد الاحتراق النفسي والوظيفي، و«إن ارتباط الاحتراق النفسي سلبيًا بالرضا الوظيفي يرجع إلى كون الأساتذة يعانون من ضغوط عمل ناشئة عن أعباء مهنة التعليم المتميّزة بكثرة متطلباتها الكمية والنوعية، وبتعدد مهامها وتنوع أدوارها، وبالأعمال الكتابية المتواصلة والمستمرة المتمثلة في تحضير وإعداد الدروس، وتحضير الامتحانات الفصلية والتمارين التطبيقية وتصحيحها، ومتابعة التلاميذ في مناهجهم الدراسية وفي تحصيلهم الدراسي، ومحاولة تحسين التعليم وتحسين التعامل مع التلاميذ من خلال التكوين الذاتي، هذه المطالب طبعًا تفوق إمكانات المعلم الجسمية والذهنية والنفسية، وتتطلب قوة تحمّل كبيرة لا يقدر عليها، وإن قدر عليها وهو في بداية التدريس، فسينهار أمامها، ويُحس باستنزاف بدني و إرهاق عاطفي كلما تقدّم في العمل وزادت سنوات خدمته».1 والذي يظهر في شكل فقدان المُدرس للاهتمام بعمله ومتعلميه؛ إذ ينتابه شعور بالتشاؤم وتبلد المشاعر واللامبالاة.
إِذ يعد الاحتراق النفسي حالة إرهاق جسدي وانفعالي ناتج عن التعرض المستمر لمواقف أو وضعيات مشحونة انفعاليًا، ويترافق هذا الأخير بمجموعة من الأعراض كالتعب الجسدي. والإحساس بالعجز والخيبة والأفكار السلبية عن الذات والمواقف.
ما مفهوم الاحتراق الوظيفي، وأسبابه، وأعراضه، وسبل علاجه؟
ما هو الاحتراق الوظيفي؟
في عام 1974م، عرّف الطبيب والمعالج النفسي هربرت فرودنبرجر والذي يُعدّ أول من أجرى أبحاثًا عن هذا الأمر، ونشر كتابًا عن الإرهاق المزمن عام 1980م، أصبح مرجعًا أساسيًا في هذا المجال.
والاحتراق الوظيفي (Burnout) هو «التكلفة المُرتفعة للإنجاز العالي، والتي تتمثل في حدوث “انقراض” أو “تقلص” للدافع أو الحافز الذي يُحركنا في الحياة أو يدفعنا للاستمرار في العمل وتحقيق التطور المهني، والذي يحدث بشكل خاص عندما تفشل جهود الشخص في تحقيق النتائج المرجوة».2
وقد أدرجت منظمة الصحة العالمية “الاحتراق النفسي المهني” ضمن قائمة (التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض) (ICD سنة 2019)، بعد عام من توصيات خبراء الصحة العالميين.
وتم تعريف الإرهاق في ICD-11 على النحو التالي: «الإرهاق هو متلازمة يتم تصورها على أنها ناتجة عن الإجهاد المزمن في مكان العمل الذي لم تتم إدارته بنجاح. يتميز بثلاثة أبعاد:
مشاعر استنزاف الطاقة أو الإرهاق.
زيادة المسافة العقلية من وظيفة المرء، أو مشاعر السلبية أو السخرية المتعلقة بوظيفة المرء.
انخفاض الفعالية المهنية».3
وهو «اضطراب عقلي ناتج عن الإجهاد المُزمن في العمل. يتطور تدريجيا في بعض الأشخاص المعرضين لظروف عمل محبطة ومثبطة: في مواجهة التعب والشعور بالفشل، وصعوبة التركيز، يميلون إلى العمل أكثر فأكثر لمحاولة استعادة الرضا والثقة بالنفس. إذا ظلت ظروف العمل صعبة، فإن حلقة مفرغة».4
وهو «الإرهاق البدني والعاطفي والعقلي الناتج عن الاستثمار المطول في مواقف العمل التي تتطلب عاطفيا”. من الممكن تصور متلازمة الإرهاق كعملية تدهور للعلاقة الذاتية بالعمل من خلال ثلاثة أبعاد: الإرهاق العاطفي، السخرية تجاه العمل أو نزع الشخصية (التجريد من الإنسانية، اللامبالاة)، انخفاض الإنجاز الشخصي في العمل أو تقليل الكفاءة المهنية».5
ويمكن تعريف الاحتراق الوظيفي: حالة من الإرهاق الشامل تصيب الفرد نتيجة التعرض المستمر لضغوط العمل الشديدة. هذه الحالة تتميز بمزيج من الإنهاك العاطفي والجسدي والذهني، والذي يتطور تدريجياً مع مرور الوقت.
إذن، من خلال التعريفات السابقة يظهر أن عدم التوافق النفسي بين الموظف والعمل الذي يزاوله، يؤدي إلى تَقلص الرغبة والحافز في مزاولة العمل أو الإبداع فيه، وهذا من الأسباب الرئيسة للاحتراق الوظيفي، وهناك أسباب أخرى نتعرف عليها في هذه الفقرة.
الأسباب الرئيسة للاحتراق الوظيفي
أسباب الاحتراق الوظيفي:
1- المصادر الشخصية (الذاتية): تتمثل في العديد من الجوانب الفردية؛ مثل: مركز الضبط الخارجي، ووجود عوامل مؤثرة فيه تُقلل من تكيّفه الوظيفي وتزيد من احتراقه.
وأنماط الشخصية وسماتها؛ مثل: الشخصيات الانفعالية أو الكسولة التي لا تشعر بالمسؤولية.
وكذلك الالتزام؛ فالفرد الذي يتصف بأنه أكثر التزامًا وإخلاصًا في عمله، يتعرض للاحتراق الوظيفي أكثر من الذين هم أقل التزامًا وإخلاصًا.
كما يؤثر مستوى الصلابة النفسية في التقليل من مستوى الاحتراق الوظيفي ومواجهة الضغوط، يُضَاف إلى ذلك مستوى الذكاء الوجداني الذي يجعل الفرد أكثر توافقاً مع مهنته وعمله، وكلما قَلَّ مستواه انخفض مستوى التكيف وارتفع مستوى الاحتراق الوظيفي.6
2- ضغط العمل المفرط والتفاعلات الشخصية السلبية التي تراكمت بمرور الوقت: مما يترك الأشخاص غير قادرين على التعامل مع مهامهم بشكل جيد ويؤدي إلى إجهاد عاطفي مزمن، والذي قد يكون بسبب بيئة عمل مرهقة، أو عبء ثقيل من المسؤولية، أو ساعات عمل طويلة تؤدي إلى الإرهاق.
3- العمل مع النمط القيادي المستبد: تعني خضوع الأفراد العاملين في المؤسسة لأوامر نفوذ وسلطة القائد. ويطلق عليها أيضًا القيادة التسلطية. وهذا النمط الاستبدادي أو التسلطي تجد فيه القائد ينفرد بعملية صنع القرار، ويرى نفسه القادر على قيادة المؤسسة بذكائه وخبرته، وينفرد في اتخاذ القرار ولا يتراجع عنه وإن كان مُخطئًا. وتكون علاقته بالمرؤوسين مبنية على التوتر وعدم الثقة.
4- بيئة وظيفية سامة: «إن علاقة الفرد برؤسائه ومرؤوسيه وزملائه في العمل قد تكون مؤشرًا للشعور بالضغوط، حيث يؤدي توتر العلاقات بين الفرد ورؤسائه وزملائه في العمل إلى شعوره بالقلق وانخفاض الدعم الاجتماعي، كما أن انخفاض حجم الاتصال قد يؤدي إلى الاحتراق الوظيفي».7 كما أن هناك إدارات أو شركات أو بيئات عمل بشكل عام تُحدث أجواء سامة بين الموظفين والمهنيين، تستنزف حماسهم الوظيفي، وتعزز أجواء التوتر وعدم الثقة بينهم، وذلك يستنزف الموظفين ويُرهقهم نفسيا وجسديا.
5- عدم السيطرة: يمكن أن يشعر المهنيّون أو الموظفون بنقص السيطرة إذا كانوا يفتقرون إلى الوصول إلى الموارد أو يجدون صعوبة في المساهمة في القرارات المتعلقة بالعمل. قد يلاحظون أيضًا عدم الاعتراف بجهودهم أو يشعرون أن المديرين قد لا يثقون في قدراتهم.
6- زيادة أعباء العمل: كثير من المؤسسات سعت في العقود الماضية إلى الترشيد من خلال الاستغناء عن أعداد كبيرة من الموظفين، مع زيادة الأعباء الوظيفية على الأشخاص الباقين في العمل، ومطالبتهم بتحسين أدائهم وزيادة انتاجيتهم. و«عندما تزداد عليه أعباء العمل فلا يجد الوقت الكافي للقيام بجميع المهام، وعندما يعمل عدد ساعات أكثر من اللازم، أو عندما يتم تكليفه بمهام بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية، وهو ما يفقده القدرة على تحقيق التوازن الصحي بين الحياة والعمل».8
7- ضعف المكافآت الوظيفية: هي امتيازات العمل، وهي مُحفزة للموظفين على الإبداع والعطاء، لكن إذا كانت المكافآت نادرة أو غير موجودة، فقد يصبح الشعور بالتقدير أمرًا صعبًا ويؤدي إلى الإرهاق. ربما لا تتناسب المكافآت مع الوقت والجهد الذي يبذله الموظف.
7- استعباد الوظيفة: الوظيفة كما يقال عبودية مقنّعة، يطمح الموظف في بداية عمله أن يكون لها مالكًا، ثم يصير لها مملوكًا، ومجرد قطعة غيار في آلة جبارة تُلقي بالقطع التالفة جانبًا، وتعوضها بقطع صالحة، وهكذا…
«تستيقظ صباح كل يوم، لتدور کالآلة في دوامة رتيبة، ترشقك مسامیر ذلك الضجيج نفسه، وتخنقك رائحة تلك الملفات نفسها، وتلهب وجهك لفحات الحرائق ذاتها، وتطول آمالك، وتتسع أطماعك، وتمتد عيناك إلى مختلف الأشكال والألوان، ولا تخرج عن نطاق أشيائك، التي لا تعدو أن تكون -في نهاية المطاف- مجرد حفنة من تراب!
وتجري بكل قواك خلف متاعها، تحرق في سبيل امتلاكها كل الطاقات، وقد لا تصل فتشقى، وقد تَصِل؛ فما أن تضع يدك عليها حتى تصير مغلولة إليها.. فإذا بك -وقد سعيت لتكون مالكًا- تصبح مملوكًا، لا تستطيع الفكاك.. ثم تشقى أيضًا!»9
هذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى ظهور على أعراض على الموظف المصاب بالاحتراق النفسي، وهو ما سنتحدث عنه في هذه الفقرة.
أعراض الإرهاق الوظيفي:
الإجهاد الانفعالي: (Emotional Exhaustion)
الإجهاد الانفعالي يمثل حالة من الإنهاك العاطفي والذهني الناجمة عن التعرض المستمر لضغوط العمل الشديدة. هذه الحالة تتجلى في شعور الفرد بالاستنزاف النفسي والإرهاق الشديد نتيجة تراكم الضغوط المهنية على مدى فترة طويلة.
تَبَلد المشاعر (Depersonlization)
تَبلد المشاعر هو حالة نفسية يفقد فيها الشخص القدرة على الشعور بالعواطف والأحاسيس بشكل طبيعي. وفي التعليم «يطور المعلم مواقف سلبية ومتهكمة وساخرة تجاه العمل وتجاه الطلبة، ويرفض التعامل مع الطلبة كبشر، بل يتعامل معهم كأشياء ويمتاز المعلم بقسوة، ويتحول إلى كتلة مشاعر سلبية وتبلد المشاعر كمحاولة منه لخفض الشعور بالتبلد العاطفي ولا يكون هذا الشعور اتجاه الأفراد فقط، بل يكون تجاه العمل إذا شعر أنه ليس له قيمة، وأحيانًا يكون منهكًا حول موقع العمل، وأنه لا تتناسب وإمكانياته».10
الأعراض الجسدية:
الإرهاق المستمر والشعور بالتعب حتى بعد أخذ قسط كافٍ من الراحة.
الصداع المتكرر وآلام العضلات.
اضطرابات النوم، مثل الأرق أو النوم المفرط.
ضعف جهاز المناعة وزيادة التعرض للأمراض.
الأعراض المهنية:
انخفاض الإنتاجية وجودة العمل.
صعوبة التركيز واتخاذ القرارات.
فقدان الإبداع والابتكار في العمل.
تأجيل المهام وصعوبة بدء العمل أو إنهائه.
زيادة التغيّب عن العمل أو التأخر المتكرر
زيادة الأخطاء وعدم الاهتمام بالتفاصيل -عدم وجود الدافع لمواصلة السعي نحو النجاح- مما يؤدي في النهاية إلى الإرهاق الوظيفي الكامل.
الانسحاب من المسؤوليات والتهرب من التواصل مع الزملاء أو أعضاء الفريق.
الشعور بالاغتراب عن الآخرين في مكان العمل.
اللامبالاة تجاه الأشخاص الخارجيين الذين يتعيّن التفاعل معهم.
اللجوء إلى سلوكيات هروبية مثل: تناول الكحول أو المخدرات.
كيف نواجه الاحتراق الوظيفي؟
مواجهة الاحتراق الوظيفي
شكر الله على نعمة الوظيفة، قد لا يُدرك المرءُ النعمَ التي أنعمها الله عليه، فلا يراها شيئًا، وقد يؤدي به ذلك إلى الملل والسآمة والضجر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)) [سنن الترمذي: 2513].
وفي الحديث: (أنْ لا تَزْدَروا)، أي: لا تَحْتَقِروا “نِعْمَةَ اللهِ عليكم”: وفيه إرْشادٌ إلى الاعْتِبارِ بأَحْوالِ الدُّنْيا، وأنَّ السَّعادَةَ ليستْ مالًا فقطْ. وفيه: أنَّ مِن أعظمِ ما يُعينُ على استشعارِ النِّعمِ، كثرةَ التأمُّلِ فيها والنظرَ في حالِ مَن هُم أقلُّ حالًا منك.
يقول ابن قيم الجوزية في كتابه الفوائد كلامًا نفيسًا في هذا المعنى: «فَائِدَة من الْآفَات الْخفية الْعَامَّة أَن يكون العَبْد فِي نعْمَة أنعم الله بهَا عَلَيْهِ واختارها لَهُ فَيَمَلّها العَبْد وَيطْلب الِانْتِقَال مِنْهَا إِلَى مَا يزْعم لجهله أَنه خير لَهُ مِنْهَا، ورَبُه برحمته لَا يُخرجهُ من تِلْكَ النِّعْمَة وبعذره بجهله وَسُوء اخْتِيَاره لنَفسِهِ حَتَّى إِذا ضَاقَ ذرعًا بِتِلْكَ النِّعْمَة وسخطها وتبرّم بهَا، واستحكم ملكه لَهَا، سلبه الله إِيَّاهَا، فَإِذا انْتقل إِلَى مَا طلبه وَرَأى التَّفَاوُت بَين مَا كَانَ فِيهِ وَمَا صَار إِلَيْهِ؛ اشْتَدَّ قلقه وندمه وَطلب العودة إِلَى مَا كَانَ فِيهِ. فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ خيرًا ورشدًا؛ أشهده أَن مَا هُوَ فِيهِ نعْمَة من نعمه عَلَيْهِ وَرضَاهُ بِهِ، وأوزعه شكره عَلَيْهِ».11
- تحسين النية والإخلاص في العمل، واستحضار نية العبادة واحتساب الأجر.
- التحلي بالأخلاق الإسلامية كالصدق والأمانة، والتعاون مع الزملاء وحسن معاملتهم.
- الاهتمام بالتوازن بين العمل والحياة، مع تخصيص، وقت للعبادة، وصلة الرحم والراحة.
- السعي لطلب العلم وتطوير الذات مهنيًّا، والاستفادة من تجارب الآخرين والتعلم المستمر.
- اكتشاف الموظفين شخصياتهم وميولهم المهنية وتحديد المسارات المهنية الأنسب لهم والتي تتوافق معهم.
- إكساب الفرد المرونة والخبرات اللازمة التي تجعله قادرًا على مواكبة التطورات في المهنة، وبالتالي تحقيق التكيف المهني والرضا الوظيفي.
- اكتساب الذكاء العاطفي، وهذا النوع من الذكاء يساهم في مواجهة الاحتراق الوظيفي وتعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل. وذلك من خلال: القدرة على إدراك وفهم وإدارة المشاعر الشخصية ومشاعر الآخرين بفعالية، والوعي الذاتي بالمشاعر والانفعالات، وفهم تأثير العواطف على السلوك والأداء، والقدرة على التعاطف مع الزملاء والعملاء، وإدارة العلاقات المهنية بكفاءة.
- وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وبالتالي تحقيق أقصى درجات الإنتاجية على المستوى الفردي والجماعي. وبالعكس، الأشخاص الذين لا يكتشفون مواهبهم وقدراتهم، غالبًا ما يقضون حياتهم في صراع ومعاناة، لأنهم يقضون معظم حياتهم في وظائف وأعمال لا تتناسب مع نقاط قوتهم، ومجالات تفوقهم.
- يقول “روبين شاورما”: «أكثر ما يُحزن في الحياة، هو أن يلتفت المرء في نهايتها، ويعرف أنه كان بوسعِهِ أن يعيشها أفضل، ويعمل أفضل، ويحظى بالأفضل». لكن للأسف ومن سوء الحظ تقول بعض الإحصائيات أن حوالي 95% من الناس يعيشون بما هو دون طموحاتهم، ويتقدمون بأقل من قدراتهم بكثير، ويواجهون مصاعب في معظم المجالات، وأن حوالي 5% فقط هم الذين يعيشون وفق طموحاتهم، وهم المؤثرون في العالم.12
ويقول “جاك كانفيلد”: «إن الكثيرين يجدون أنفسهم عالقين في وظائف ومِهن لا يستمتعون بها، لأنهم لم يركزوا على تنمية وتطوير مجالات تفوقهم وتميزهم».13
- تخصيص بند المكافآت والحوافز المادية لدفع العاملين للانهماك في عملهم، وتقديم جائزة الأداء المتميز للعاملين الذي يُحدثون الفارق، ويتميزون بسلوكيات وممارسات تطوعية.
- توفير الأدوات والتجهيزات والتقنيات ومصادر المعلومات التي تمكن العاملين من تأدية مهامهم الوظيفية بشكل فعال.
- توافر برامج تدريبية للعاملين لزيادة كفاءتهم العملية، وتوجيه طاقتهم نحو عملهم بطريقة تسهم في تحقيق أهداف المنظمة بكفاءة وفعالية.
- عقد لقاءات دورية تسمح بمشاركة العاملين في اتخاذ القرار وفق الحاجة، وإمكانية التصرف والاختيار بشكل فعّال.14
- خلاصة القول: الاحتراق الوظيفي أصبح ظاهرة العصر، وهو جزء طبيعي من الحياة، ولكنه يمكن أن يصبح مشكلة ومرضًا إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، من خلال فهم أسبابه ومعالجتها والتخفيف من أعراضه ليستطيع الموظفون أن يعيشوا حياة متوازنة وسليمة، بعيدًا عن الضغوط النفسية.
الهوامش
بوفرة مختار- منصوري مصطفى، علاقة الاحتراق النفسي بالرضا الوظيفي لدى أساتذة التعليم الثانوي، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 17، دجنبر 2017، ص81-92. ↩︎
ريق مايو كلينيك، الاحتراق الوظيفي: كيفية اكتشافه واتخاذ اللازم، https://www.mayoclinic.org/ar/healthy-lifestyle/adult-health/in-depth/burnout/art-20046642، تم استرجاعه 20/01/2023 ↩︎
Burn-out an “occupational phenomenon”: International Classification of Diseases
/ https://www.who.int/news/item/28-05-2019-burn-out-an-occupational-phenomenon-international-classification-of-diseases ↩︎
Burn out (épuisement professionnel)./ https://www.vidal.fr/maladies/psychisme/burn-out-epuisement-professionnel.html ↩︎
Repérage et prise en charge cliniques du syndrome d’épuisement professionnel ou burnout/ Browse the website :https://www.has-sante.fr/jcms/c_2769318/fr/reperage-et-prise-en-charge-cliniques-du-syndrome-d-epuisement-professionnel-ou-burnout ↩︎
د. منيرة نايف العتببی، المناخ التنظيمي السائد وعلاقته بالاحتراق الوظيفي لدى أعضاء هيئة التدريس في جامعة شقراء، Journal of Educational and Psychological Sciences Peer-reviewed Journal of Islamic University-Gaza. Vol 31, No 5, 2023, pp 278 – 315 ↩︎
مأمون علي عقلان، دور جودة الحياة الوظيفية في الحد من ظاهرة الاحتراق الوظيفي، دراسة تطبيقية، مجلة جامعة الرازي للعلوم الإنسانية والإدارية، المجلد الأول، العدد 5، يونيو 2022م، صنعاء، ص 178- 210 ↩︎
الاحتراق الوظيفي ومراحله وأسبابه وعلاماته وأثره على الشركة وطرق التخلص منه، نقلا عن موقع: https://sabbar.com/blog/job-burnout ↩︎
فريد الأنصاري، قناديل الصلاة، دار السلام، القاهرة، الطبعة الثالثة، 2012م.ص 19. ↩︎
د. مي محمد خلف الرقاد، مستوى الاحتراق النفسي لدى معلمي ومعلمات التربية الخاصة العاملين في المراكز الخاصة في العاصمة الأردنية – عمان. مجلة كلية التربية، جامعة الأزهر، العدد 179، يوليوز 2018، ص 711-736. ↩︎
ابن قيم الجوزية، الفوائد، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الثانية، 19831973، ص 181. ↩︎
هال إلرود، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى ، 2020معجزة الصباح، ص65. ↩︎
جاك كانفيلد، قوة التركيز، مكتبة جرير، الرياض، الطبعة الرابعة عشر 2012، ص 64. ↩︎
د. شيماء مهدي إبراهيم- د. منال متولي عبده، الاستغراق الوظيفي كمُتغير وسيط في إطار العلاقة بين الرشاقة التنظيمية والميزة التنافسية. مجلة البحوث المالية والتجارية. المجلد (24) – العدد الثالث – يوليو 2023، ص 133-186. https://jsst.journals.ekb.eg/article_307656_545d04abb7a15b3b6ff602604bf73f28.pdf ↩︎
المصدر: تبيان