الاختبار المناخي الأقسى.. اليمن في قلب العاصفة والحكومة تستنفر وسط تحذيرات أممية

تشهد محافظات يمنية عدة موجة من السيول والأمطار الغزيرة، تُعد من بين الأعنف خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى انهيار واسع في البنية التحتية، وتعطيل الخدمات الأساسية، وإجلاء عشرات الأسر من مناطق مهددة بالغرق. وتأتي هذه الكارثة في وقت تؤكد فيه تقارير دولية أن اليمن بات من أكثر الدول عرضة لتأثيرات التغير المناخي، وسط ضعف في قدراته على التكيف والاستجابة.

في هذا السياق، أطلق رئيس مجلس الوزراء اليمني، سالم صالح بن بريك، عملية استجابة طارئة، تضمنت اتصالات مباشرة مع السلطات المحلية في محافظات حضرموت والمهرة وتعز، وهي من أكثر المناطق تضرراً. وأفادت مصادر حكومية بأن التقارير الأولية تشير إلى تدمير طرق وجسور رئيسية، وانقطاع الحركة بين مناطق واسعة، إضافة إلى غمر مساحات زراعية وتضرر مئات المنازل، خاصة في المناطق الساحلية والداخلية.

وأكد مسؤول محلي في حضرموت أن التدخلات الحكومية المبكرة ساهمت في الحد من الخسائر، مشيراً إلى أن الوضع لا يزال تحت السيطرة رغم صعوبته. وفي إطار الاستجابة، أصدر رئيس الوزراء تعليمات برفع الجاهزية القصوى، وتفعيل أنظمة الإنذار المبكر، ونشر فرق إنقاذ وإغاثة، إلى جانب تحذيرات صارمة بعدم الاقتراب من الأودية وممرات السيول أو الإبحار خلال الساعات القادمة.

التحرك لم يقتصر على المستوى المحلي، إذ بدأت منظمات دولية مثل الصليب الأحمر الدولي، وبرنامج الأغذية العالمي، والهلال الأحمر اليمني، بتوزيع مساعدات غذائية وخيام ومستلزمات طبية، وسط تحذيرات من تفشي الأمراض نتيجة تجمع مياه الأمطار وتردي شبكات الصرف الصحي.

وتأتي هذه الكارثة في ظل تحذيرات متكررة من منظمات دولية بشأن هشاشة اليمن أمام التغيرات المناخية. تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ديسمبر 2023 صنّف اليمن ضمن أكثر عشر دول عرضة للمخاطر المناخية، مشيراً إلى أن الكوارث الطبيعية قد تزداد بنسبة تصل إلى 60% بحلول عام 2030 إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة.

كما أشار تقرير للبنك الدولي إلى أن نحو نصف سكان اليمن معرضون لخطر مناخي كبير واحد على الأقل، مثل الفيضانات أو موجات الجفاف، وأن استمرار هذه الظواهر قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.9% بحلول عام 2040، مع تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

وفي مواجهة هذه التحديات، شددت تقارير أممية على ضرورة الاستثمار في البنية التحتية المقاومة للكوارث، وتوسيع مشاريع الطاقة المتجددة، وتحسين إدارة الموارد المائية، باعتبارها خطوات حاسمة لبناء قدرة اليمن على الصمود في وجه التغير المناخي.

وتبقى الأزمة الحالية اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي على التنسيق والاستجابة، في بلد يعاني من أزمات إنسانية واقتصادية متراكمة، ويواجه مستقبلاً مناخياً أكثر اضطراباً.

Exit mobile version