أفاد موقع “واللا” بانتحار جندي احتياط إسرائيلي على خلفية مقتل اثنين من أصدقائه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر وخدمته العسكرية المتواصلة.
ونقل الموقع الإسرائيلي عن عائلة الجندي المنتحر كشفها أنه كان ينقل جثث جنود من جبهتي لبنان وغزة خلال الحرب.
وأكد الموقع أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرفض حتى الآن دفن الجندي المنتحر في مراسم عسكرية، قائلا إنه “دانيال إدري احتفل بعيد ميلاده الرابع والعشرين، لكنه لم يكن يومًا سعيدًا. كان يعاني من ضائقة نفسية عميقة، ويحاول التأقلم مع الألم والمشاهد والروائح التي أحرقته جراء حرب لبنان وقطاع غزة”.
وأضاف “لكن بالأمس، لم تعد قواه تقوى على التحمل، وأنهى حياته في غابة بيريا، تلك الغابة الجميلة قرب صفد، حيث نشأ وترعرع”.
وذكر أنه “إلى جانب كل هذه المشاهد المروعة، اضطر دانيال أيضًا للتعامل مع مقتل اثنين من أصدقاء طفولته في حفل “نوفا”، وهو الذي أراد الوصول إلى مجمع برئيم ومساعدة أصدقائه، لكنه لم يستطع”.
وأكد الموقع أن والدة الجندي المنتحر “تطلب من الدولة تكريم ابنها والسماح بدفنه في جنازة عسكرية. حتى الآن، لم يُلبَّ طلبها. وقالت إن دانييل أراد الانضمام إلى الجيش، وعندما تم تجنيده في الخدمة الاحتياطية، شعر بالرضا وتم تسريحه منذ حوالي خمسة أشهر”.
وبحسب والدته، فقد خدم الجندي المنتحر لـ”فترات طويلة كداعم قتالي في القطاعين الجنوبي والشمالي، ونقل جثث ضحايا الجيش الإسرائيلي عدة مرات، وقالت: “أخبرني أنه رأى أهوالاً، وقال لي: أمي، أشتم رائحة الجثث وأرى الجثث طوال الوقت'”.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية ارتفاع عدد الجنود المنتحرين منذ بدء الحرب إلى 43 بسبب أعراض نفسية ناتجة عن القتال.
وقبل أسابيع، أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلا عن مصادر عسكرية بأن 35 جنديا إسرائيليا انتحروا منذ بداية الحرب على قطاع غزة حتى نهاية 2024، بارتفاع ملحوظ في عدد حالات الانتحار عن آخر إعلان بهذا الشأن لإذاعة الجيش الإسرائيلي في مطلع يناير/كانون الثاني 2025.
وأضافت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي يرفض الكشف عن أعداد الجنود الذين انتحروا خلال العام الحالي، لكنها نقلت عن مصادر أن 7 جنود انتحروا منذ مطلع هذا العام، وأن السبب هو استمرار الحرب على غزة.
كما قالت الصحيفة نقلا عن مصادر إن الجيش الإسرائيلي دفن منذ بدء الحرب جنودا كثرا بسبب الانتحار دون جنائز عسكرية أو إعلان.
وتعكس هذه الحادثة حجم الأثر النفسي الكارثي الذي تتركه حرب الإبادة الإسرائيلية على الجنود أنفسهم، إذ تواجه أعداد متزايدة منهم اضطرابات حادة جراء مشاركتهم في عمليات القتل واسعة النطاق ضد المدنيين الفلسطينيين والمعارك العنيفة التي يخوضونها داخل غزة.
وتشير تقارير دولية، بينها تحقيق لشبكة “سي أن أن” الأميركية، إلى أن آلاف الجنود العائدين من القتال يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة وأمراض عقلية، نتيجة تعرضهم لما وصفوه بـ”أهوال لا يمكن للعالم الخارجي فهمها بالكامل”، وروى جنود احتياط للشبكة أنهم فقدوا القدرة على النوم بسبب مشاهد الجثث والدمار الهائل، بينما عبّر آخرون عن خوفهم من إعادة تجنيدهم في ظل استمرار الحرب وتوسعها نحو جبهات أخرى كلبنان، وسط تراجع الثقة بالحكومة الإسرائيلية.
وفي بداية يناير/ كانون الثاني 2024، كشفت صحيفة “هآرتس” أن نحو ثلاثة آلاف جندي في القوات النظامية والاحتياط تواصلوا مع خط المساعدة النفسية التابع لجيش الاحتلال منذ اندلاع الحرب، في حين جرى تسريح 90 آخرين من الخدمة بسبب أزمات نفسية، وهي أرقام شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي ذكرت في مطلع يناير/كانون الثاني 2025 أن 28 جنديا إسرائيليا انتحروا منذ بدء الحرب على قطاع غزة، بينهم 16 من جنود الاحتياط.
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي يجند في الاحتياط مصابين بصدمات وأمراض نفسية حتى وهم يخضعون للعلاج، كما أنه يجند جنودا سُرِّحوا من الخدمة بسبب إصابتهم بأمراض نفسية.
وأوضحت الصحيفة نقلا عن مصادرها أن جيش الاحتلال يجند مصابين بأمراض نفسية للقتال في صفوف الاحتياط بسبب نقص عدد الجنود، مشيرة إلى أن عدد الجنود الذين يتلقون العلاج من أمراض نفسية منذ بدء الحرب يتجاوز 9 آلاف.
وقال قائد عسكري للصحيفة إنهم يضطرون لتجنيد أشخاص ليسوا بحالة نفسية طبيعية بسبب عدم التزام جنود الجيش الإسرائيلي بالقتال، موضحا أنهم يخشون التدقيق في حالة المصابين بأمراض نفسية كي لا يبقى الجيش دون جنود، على حد تعبيره.
ويضيف المسؤول العسكري أن الآلاف من جنود الاحتياط في غزة توجهوا للجيش بسبب إصابتهم بأمراض نفسية، وأنه يتم تجنيدهم رغم التأكد من أن ظروفهم النفسية غير طبيعية، وقال “نقاتل بما يتوفر”.
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت قالت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نقلا عن مكتب إعادة الإدماج التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية إن نحو 5200 جندي إسرائيلي أو 43% من الجرحى الذين يتم استقبالهم في مراكز إعادة التأهيل يعانون الإجهاد اللاحق للصدمة، مع توقع أن يتم علاج نحو 100 ألف شخص، نصفهم على الأقل يعانون اضطراب ما بعد الصدمة بحلول عام 2030.
وأضافت أنه وفقا لتقديرات مختلفة في الجيش الإسرائيلي فإن نحو 15% من المقاتلين النظاميين الذين غادروا غزة وتم علاجهم عقليا لم يتمكنوا من العودة إلى القتال بسبب الصعوبات التي يواجهونها.
كما قالت إن آلاف الجنود لجؤوا إلى العيادات الخاصة التي أنشأها الجيش، وإن ثلث المعاقين المعترف بهم يعانون اضطراب ما بعد الصدمة.