موجة تأييد خليجية وعربية للبيان السعودي بشأن حضرموت.. هل هو تفويض سياسي لتدخل سعودي مباشر؟

أثار بيان وزارة الخارجية السعودية الصادر الخميس بشأن التطورات في محافظة حضرموت وتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي تفاعلاً واسعاً على المستويين المحلي والإقليمي، حيث سارعت عدة دول خليجية وعربية إلى إعلان تأييدها للموقف السعودي، في خطوة تعكس اصطفافاً سياسياً جديداً يعيد رسم ملامح المشهد في الشرق اليمني. وقد اعتُبر هذا التفاعل مؤشراً على إدراك إقليمي متزايد لخطورة التصعيد العسكري ومحاولات فرض الأمر الواقع في واحدة من أكثر المحافظات حساسية من الناحية الجيوسياسية.

على المستوى الخليجي، برزت مواقف داعمة للبيان السعودي من الكويت والبحرين وقطر، حيث أكدت هذه الدول وقوفها إلى جانب الرياض في جهودها الرامية إلى منع تفجر الأوضاع في حضرموت والحفاظ على وحدة اليمن واستقراره. ورغم عدم صدور بيان إماراتي مباشر، إلا أن مصادر دبلوماسية خليجية أشارت إلى أن أبوظبي تؤيد مبدأ خفض التصعيد والالتزام باتفاق الرياض، في موقف يُقرأ على أنه دعم غير معلن للمسار السعودي دون الدخول في مواجهة سياسية مع المجلس الانتقالي الذي يحظى بعلاقة وثيقة معها.

وامتد التأييد إلى دول عربية أخرى، إذ أعلنت مصر دعمها للبيان السعودي مؤكدة ضرورة منع أي خطوات أحادية من شأنها تهديد استقرار اليمن. كما عبّرت الأردن عن موقف مماثل، مشددة على أهمية الالتزام بالاتفاقات السياسية وتجنب أي تصعيد قد ينعكس سلباً على الأمن الإقليمي. هذا التفاعل العربي الواسع منح البيان السعودي زخماً إضافياً، خصوصاً في ظل حساسية الملف اليمني بالنسبة للأمن القومي العربي.

من جانبها، أصدرت جامعة الدول العربية بياناً رحبت فيه بالموقف السعودي، معتبرة أن الرياض تبذل جهوداً حثيثة لمنع انزلاق اليمن إلى صراع داخلي جديد، وأن أي تحركات أحادية في حضرموت تتناقض مع التوافقات الوطنية. وقد شكّل هذا الموقف دعماً عربياً شاملاً يعزز شرعية التحرك السعودي ويمنحها غطاءً سياسياً أوسع في إدارة الملف.

ويرى مراقبون أن موجة التأييد الخليجية والعربية تعكس اصطفافاً إقليمياً واضحاً خلف السعودية في إدارة التطورات في الشرق اليمني، ورفضاً صريحاً لأي توسع عسكري للمجلس الانتقالي خارج نطاق سيطرته التقليدية. كما تشير هذه المواقف إلى دعم إقليمي لجهود الرياض في إعادة ضبط التوازنات داخل المحافظات الشرقية، خصوصاً حضرموت التي تمثل عمقاً استراتيجياً مهماً بالنسبة للسعودية.

ورغم أن هذه التأييدات لا تمثل تفويضاً مباشراً للسعودية بالتحرك العسكري، إلا أنها تمنح الرياض شرعية سياسية واسعة لأي خطوات تهدف إلى وقف تمدد الانتقالي، وتوفر لها غطاءً إقليمياً في حال قررت اتخاذ إجراءات ميدانية لحماية الاستقرار في حضرموت. كما تمنح هذه المواقف دعماً معنوياً للمكونات الحضرمية المناوئة للانتقالي، وفي مقدمتها حلف قبائل حضرموت، الذي يرى في البيان السعودي فرصة لإعادة التوازن داخل المحافظة.

في المحصلة، يبدو أن بيان الخارجية السعودية لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل نقطة تحول في مسار الأحداث في الشرق اليمني، حيث أسهم في خلق اصطفاف عربي وخليجي واسع يعيد رسم ملامح الصراع ويمنح السعودية مساحة أكبر للتحرك. ومع استمرار التوترات الميدانية، تبدو حضرموت مقبلة على مرحلة جديدة من إعادة تشكيل موازين القوى، في ظل دعم إقليمي واضح لجهود الرياض في منع التصعيد وفرض الاستقرار.

Exit mobile version