في ظل استمرار الجمود العسكري على جبهات القتال في اليمن، تبرز مؤشرات على تحول استراتيجي في التعاطي الدولي مع الأزمة، تقوده الإدارة الأمريكية عبر خطة غير تقليدية تهدف إلى إنهاء سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء دون اللجوء إلى القوة المسلحة.
مصادر سياسية وإعلامية تشير إلى أن واشنطن، بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتبنى نهجًا مزدوجًا يقوم على إنهاك الحوثيين اقتصاديًا من جهة، وتعزيز أداء الحكومة الشرعية في عدن من جهة أخرى. هذا التوجه يعتمد على فرض عقوبات متزايدة وتضييق الخناق البحري والبري على مناطق سيطرة الحوثيين، بالتوازي مع دعم إصلاحات اقتصادية في المناطق المحررة.
ويكشف المحلل السياسي علي النسي، المقرب من جماعة الحوثي، عن هدنة عسكرية غير معلنة بين واشنطن والحوثيين منذ مايو 2025، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تفضّل تفادي حرب استنزاف طويلة، وتراهن على تفكك داخلي في صفوف الجماعة نتيجة الضغوط الاقتصادية وتردي الخدمات وانقطاع الرواتب.
في المقابل، تشهد عدن تحسنًا ملحوظًا في سعر صرف الريال اليمني، مدفوعًا بإجراءات صارمة من البنك المركزي اليمني، شملت إغلاق عشرات شركات الصرافة غير المرخصة، وتفعيل آليات تنظيم الاستيراد. وقد انعكس هذا التحسن على أسعار الوقود والسلع الأساسية، حيث أعلنت شركة النفط اليمنية تخفيضات كبيرة في أسعار البنزين والديزل، ما خفف من الأعباء المعيشية على المواطنين.
الحكومة الشرعية، من جانبها، كثّفت حملات الرقابة على الأسواق، وفرضت استخدام العملة الوطنية في المعاملات التجارية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. ورغم أن بعض المواطنين اشتكوا من بطء انعكاس التحسن النقدي على الأسعار، إلا أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى بداية تعافٍ تدريجي في المناطق المحررة.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تهيئ المشهد السياسي لسيناريو مفاجئ، يتمثل في انهيار سلطة الحوثيين من الداخل، وتسليم العاصمة صنعاء دون قتال، ما يفتح الباب أمام تسوية سياسية شاملة تنهي سنوات من الحرب والانقسام.