” أم صالح تجلس هناك على ناصية الشارع بالساعات، يلهو ابنها الصغير ذو الأربعة الأعوام من حولها، بينما تتسول هي من المارة طيلة الوقت . فقيرة جدًا بالطبع ، ولا أعتقد أنها من أولئك المتسولين الذين يتبين أنهم يملكون قصرًا في الجولف وطائرة خاصة وأسهمًا في شركة مايكروسوفت . أضع في يدها بعض المال فتدعو لي .
ما يضايقني هو أنها تجر ابنها من يده وتهتف به : «قول للدكتور شكرًا يا دكتور !»
فيشكرني الطفل بلهجته الطفولية المضحكة ، وهو يجتهد ويظهر حماسته كعادة الأطفال في إرضاء الكبار . لكن هذا لا يكفي فتصيح به :
« قول للدكتور ربنا يخليك ويخلي ولادك يا دكتور ».
« لبنّا يهلّيك ويهلّي ولادك يا دكتور » .
تكرر له الكلام بحماس أكثر، فيكرره بحماس أكثر وأكثر.
أبتعد مسرعًا وقد جرح المشهد شيئًا في روحي . هذا الطفل جاء الدنيا ليتعلم في المدرسة ويرسم أرانب صغيرة وقططًا بالألوان ، أما أن تكون مهنته هنا على الإفريز يدعو لأمثالي فشيء لا أطيقه . كان الأمر أسوأ عندما كان ابني طفلاً نظيفًا أنيقًا فكنت أنال حشدًا من الدعوات من أجل (البيه الصغير) … إن هذه المرأة تبذر دون قصد في ابنها بذور النفاق مع ضعة النفس التي يُولّدها الفقر للأسف في أغلب النفوس . لو كان الفقر رجلاً لقتلته ولو كان النفاق رجلاً لأحرقته … لكني أعتقد أنهما صنوان بشكل أو بآخر. الفقر المدقع يجعلك لصًا أو منافقًا ..!”
د _.أحمد خالد توفيق
من مقال : شكرًا يا دكتور

فقاعة الذكاء الصناعي: هل يعيش العالم وهماً رقمياً جديداً؟
ماذا يعني انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة؟
الاتهامات الحوثية للسعودية بإدارة خلايا تجسسية.. تحليل الأبعاد السياسية والدوافع الخفية
مهزلة في المؤتمر القومي العربي