رسائل فيلم “ردع العدوان”

بقلم: أحمد موفق زيدان
مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية

مقدمة: الذكرى الأولى للتحرير

في الذكرى الأولى للتحرير، تزاحمت الاحتفالات والمناسبات على الشعب السوري، في ظاهرة ربما غير مسبوقة في تاريخه، وهو الذي عاش في جمهورية المآسي والسجون والاضطهاد والقهر، بحقبة سوداء من تاريخ حكم البعث السوري منذ عام 1963 حتى الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 يوم سقط نظام بشار الأسد.

ولعل أجمل ما في احتفالات الذكرى السنوية الأولى للنصر، هي المظاهرات العفوية التي شهدتها كل المناطق والبلدات السورية، حتى مناطق الشتات السوري، مما عكس حالة استفتاء شعبي، وتصويت بالأرجل لصالح العهد الجديد، مما عزز حالة الانتماء الوطني للجمهورية الثانية، وعزز معه الوحدة الوطنية التي التقت على شعار كبير هو تحرير سوريا، وبناء مستقبلها.

فيلم “ردع العدوان”: توثيق الملحمة

صاحب هذه المناسبة، فيلم (ردع العدوان) الذي سعى إلى توثيق ما جرى من عدة واستعداد استغرقت سنوات، فالتقت الفرصة مع الاستعداد، للحظة استغلها الثوار يوم انطلقت جحافلهم من الشمال السوري، من أجل تطهير سوريا كلها من نظام كبلها لعقود.

ولعل من أهم الرسائل التي تمكن فيلم ردع العدوان (الذي قاربت مشاهداته على منصة يوتيوب وحدها حتى كتابة هذا المقال 2.5 مليون مشاهد تقريبا) من إيصالها:

بناء النموذج المستقل

عمد الثوار في إدلب طوال تلك السنوات إلى تحرير القرار العسكري والسياسي والخدمي للمنطقة، فوحدوا الجماعات كلها ضمن بوتقة واحدة ممثلة بـ حكومة الإنقاذ، التي نجحت في:

  1. تقديم أنموذج خدمي مميز مقارنة بالإمكانيات المتوافرة.
  2. تفوقها النوعي على نموذج النظام السوري البائد أو نموذج “قسد”.
  3. جذب السوريين من مناطق النظام نتيجة توفر الخدمات والأمن والمعيشة الجيدة.

الاختراق الأمني والمهنية العالية

عكس الفيلم مدى الاحترافية في العمل الأمني الذي سبق العمليات، ومن أبرز معالمه:

“الجيش المنتصر دخل دمشق، لكنه لم يتوجه إلى القصور… بل إلى سجن صيدنايا”

لقد عكست هذه المعركة حقيقة ملموسة للجميع: أنها كانت من أكثر المعارك رحمة في التاريخ الحديث، حيث شاهد الجميع جموع المنهزمين بالآلاف خارجين من دمشق، بينما توجه الجيش المنتصر إلى سجن صيدنايا وغيره من السجون، إيفاءً بالقسم الذي أقسمه الثوار لتحرير المعتقلين، ولكن لم يتم العثور سوى على بضعة آلاف فقط.

القيادة والذكاء الإستراتيجي

لم تكن معركة ردع العدوان التي قادها الرئيس أحمد الشرع مجرد معركة عسكرية، بل كانت معركة متعددة الأبعاد:

الحالة التصالحية والشفافية

رسخ الفيلم الحالة التصالحية بين كافة مكونات الشعب السوري، وعلى الرغم من محاولات الفلول في الساحل أو الجماعات الخارجة عن القانون التأثير على هذه الأجواء، ظلت الدولة على نهجها:

خاتمة: توثيق سنوات الجمر

على الرغم من الجهد الفني المميز، يبقى من قد يعترض على جزئيات في الفيلم، وهو أمر عادي في الأفلام العالمية، لكنه لا يقلل من قيمته كـ رواية رسمية لما حصل في تحرير دمشق بعد أن بلغ اليأس مبلغه.

الفيلم الذي قدم سردية في ساعتين ونصف تقريباً، ليس كافياً لسرد حكاية صمود شعب لم يستسلم أمام أسلحة الدمار الشامل (التي استخدمت 217 مرة) والبراميل المتفجرة، لكنه ظل وفياً لقسم الثورة بإسقاط النظام.. وقد فعل.


Exit mobile version