أطفال في العيد بلا فرحة

تقرير خاص

“العيد هذا العام لا يبدو مثل العام الماضي وما قبله ولا أملك ما يمكنني من الاحتفال بالعيد، لا ملابس ولا ألعاب ” هكذا قال الطفل ” مجد” الذي لم يجد حتى ثوبًا جديدًا يواري به جسده الصغير، فالعيد الذي كان يومًا من أيام الفرح والاحتفال تحول إلى يوم عادي في نظر أطفالٍ رأوا أحلامهم تتبخر أمام أعينهم مبكرا، بينما يحاول أهلهم إقناعهم بأن “الملابس القديمة نظيفة وكافية”.

أبي في السجن

في حي ” سعوان” يجلس محمد (9 سنوات) على عتبة منزله يراقب أقرانه وهم عائدون من السوق يتباهون بملابسهم الجديدة رفقة اهاليهم، ويقول بصوتٍ منخفض :”في عيد الاضحى الماضي كان عندي ثلاثة اثواب للعيد واختي كذلك، وأبي أخذني للسوق واشترينا جعالة مكسرات كثيرة، لكن هذا العام أمي قالت إنه لا يوجد فلوس والسبب هو ان أبي مسجون، ولا هي ولا أحد يعرف متى سيعود”.

بينما أمه السيدة “تقوى”، تحاول أن تخفي دموعها قائلة لموقع الوعل اليمني ” أعده أن العيد القادم سيكون أفضل وأعرف ان هذا الوعد قد لا يتحقق ولكن مابيدي اي شيء الا الانتظار والأمل، غسلت له ملابس العيد الماضي وهو يعرف أنها قديمة وارى القهر في وجهه الصغير، وما يؤلم هو ان أبناء عمه وأصدقائه يسألونه: هل انتهيت من شراء ملابس العيد؟ عندها يعود إلى البيت حزينًا ومكسورا وأنا لا أملك إلا أن أعانقه وأقول له: ‘اصبر يا حبيبي”.

مات العيد معه

آية (7 سنوات) توفي والدها قبل بضعة أشهر بسبب مرض لم تستطع الأسرة تحمل تكاليف علاجه، لذلك تمسك آية بيد أمها بقوة كأنها تخشى أن تفقدها هي الأخرى، وتقول الطفلة بصوت باكي: “كنت أحب العيد لأن أبي كان يشتري لي فستانًا اتباهى به بين صديقاتي، وكان يضع لي الكحل في عيوني مثل الكبار وياخذني الى الحديقة ويغني معي بصوته الجميل، لكنه الآن لم يعد موجودا وأمي تقول إنه لا يوجد لديها مال حتى للجعالة، وبعد معاناة تمكنت امي من شراء حذاء جديد لي”.

أم آية، التي تعمل في تنظيف المنازل لتأمين لقمة العيش، تقول لموقع الوعل اليمني”اشتريت لها حذاءً مستعملًا من الحراج وغسلته لكي يبدو جديدا دون ان تعرف، انها مثل اي طفلة في سنها تحلم بثوب جديد لكن كيف أشرح لها أن سعر ملابس العيد تبلغ قيمة راتبي؟ من بعد وفاة ابو آية لم يعد العيد كما كان.. كأنه مات معه.”

المدارس أولى

في منزل آخر، يقول عبدالقادر (10 سنوات) ان عائلته قررت أن تخصص ما تبقى من مدخراتها لشراء المستلزمات الدراسية بعد العيد بدلاً من ملابس العيد، ويضيف وهو يحاول إظهار التماسك: “سهل العيد المهم أني سأذهب إلى المدرسة هذا العام، الملابس القديمة نظيفة ومافيها شي، واتمنى ان لايضحك عليّ أحد”.

لكن أمه تقول: ” ليلة أمس بكى عبدالقادر وهو نائم، كان يحلم بأنه يرتدي ملابس العيد مثل أصدقائه لكن ماذا أفعل؟ مصاريف المدرسة، الإيجار، الأدوية… كل شيء أصبح على عاتقي ولو اشتريت له ثياب العيد، ربما لن نتمكن من دفع الايجار الشهر المقبل.”

أين أبي؟

منى (8 سنوات) كانت كل عام تختار الألعاب والعرائس التي تريدها لتلعب بها في العيد، لكن هذا العام لن تفعل ذلك، فوالدها اعتقل منذ أشهر، ولم تعد العائلة تعرف أي شيء عن مصيره، تقول الطفلة: “أمي تقول إن بابا سيعود، لكنها تبكي عندما تقول لي ذلك، أخبرتني أن العيد هذا العام سيكون بسيطًا لان الله يحب البسطاء لكنني أعرف أن السبب هو أن بابا ليس هنا ليشتري لنا مستلزمات العيد “.

وبدأ صوتها يرتعش وهي تضيف: “حتى لو جلبوا لي الملابس من الذهب فلن يكون هناك فرح بغياب بابا “.

إعادة البسمة

وفي خضم هذه الظروف الصعبة، تحاول بعض الجمعيات الخيرية التخفيف من المعاناة بتوزيع ملابس العيد على العائلات الأكثر فقرًا، لكن المساعدات لم تصل إلى الجميع، تقول “حنان” وهي إحدى المتطوعات: ” عندما نوزع الملابس نشعر أن مساعداتنا قطرة في صحراء، والمؤلم هو ان بعض الأمهات يطلبن منا حتى ملابس مستعملة فقط ليشعر أطفالهن بالاختلاف وبأن هذه ملابس جديدة ، لقد صار الوضع مخيفا فعلا ويفوق طاقتنا.”

Exit mobile version