(العيد) ذكرى مؤلمة في ظل الازمات الاقتصادية

تقرير خاص

مع اقتراب العيد تزداد معاناة المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، حيث يشكل الوضع الاقتصادي المتردي وانقطاع الرواتب عبئاً ثقيلاً على الأسر التي تواجه صعوبات كبيرة في توفير أبسط متطلبات الحياة، ناهيك عن فرحة العيد التي تكاد تختفي تحت وطأة الأزمات المتلاحقة.

فرحة غائبة

وتسيطر أجواء من الحزن والإحباط على الشارع اليمني، فمع استمرار انقطاع الرواتب لموظفي الدولة منذ أشهر طويلة، أصبح الكثيرون عاجزين عن تلبية احتياجات أسرهم الأساسية، فضلا عن شراء ملابس العيد أو تقديم الهدايا للأطفال الذين ينتظرون هذه المناسبة بفارغ الصبر،
أحمد عبدالله، موظف حكومي من صنعاء، يقول لموقع الوعل اليمني “منذ أكثر من سبع سنوات لم أتلقَ راتبي بشكل منتظم، والآن توقفت الرواتب تماماً، كيف أشتري لأطفالي ملابس العيد أو حتى اللحمة؟ بصراحة العيد أصبح ذكرى مؤلمة نعيشه وكأنه يوم عادي بلا فرح، نستيقظ صباح العيد ولا نجد ما نقدمه على المائدة سوى الخبز وبعض الشاي، حتى الزينة التي كنا نعلقها في البيت لا نستطيع تحمل ثمنها.”

سؤال بلا اجابة

وتشهد الأسواق رواجاً أقل من المعتاد قبل العيد حيث يعجز معظم الناس عن الشراء بسبب نقص السيولة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مما يجعل مستلزمات العيد بعيدة عن متناول الكثيرين، يقول محسن أحمد، تاجر صغير: “السوق شبه ميت والناس لا تشتري إلا الضروري للغاية، حتى السلع الأساسية مثل الأرز والسكر أصبحت بأسعار خيالية، أنا كتاجر أعاني لأني لا أستطيع بيع بضاعتي، والزبائن يعانون لأنهم لا يملكون المال، قبل العيد كنا نشهد حركة شراء لاباس بها، أما اليوم فالمحلات تعاني والناس يتسوقون بالدين إن وجدوا من يقرضهم.” وتقول فاطمة علي، أم لخمسة أطفال،لموقع الوعل اليمني”في الأعوام الماضية كنا نبدأ التحضير للعيد قبل أسبوعين، نشتري الملابس الجديدة ونعد الحلويات، لكن هذا العام لا نملك حتى ثمن كيلو من السكر، وأطفالي يسألونني كل يوم: هل سنلبس الجديد في العيد؟ ولا أملك إجابة تفرحهم، لذلك اضطررت لبيع بعض الهدايا لأشتري لهم قطعتين من الملابس المستعملة، لكنني لا أعرف كيف سأوفر لهم باقي متطلبات يوم العيد.”

يوم عادي

وتسببت السياسات المالية العشوائية التي تتبعها جماعة الحوثيين بما في ذلك فرض رسوم إضافية وطباعة العملة المحلية بدون غطاء، إلى انهيار قيمة الريال اليمني وارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات، كذلك ادت القيود المفروضة على تحويلات المغتربين والتدخل في عمل البنوك الى زيادة معاناة الأسر التي كانت تعتمد على الدعم الخارجي من أقاربها في الخارج، يقول ياسر ناصر، سائق أجرة : “أعمل يومياً لأكثر من 12 ساعة لكن ما أجنيه بالكاد يكفي لشراء الوقود والطعام، فكرة شراء ملابس العيد أو تقديم هدايا للأطفال صعبة ومهلكة وحتى المواصلات أصبحت مشكلة لأن الكثيرين لا يستطيعون دفع أجرة المواصلات، مما أثر على دخلي، العيد هذا العام لا يختلف عن أي يوم آخر، بل ربما يكون أكثر كآبة لأننا نشعر بالعجز عن إسعاد أطفالنا.”

مساعدات خارجية

في ظل هذه الظروف القاسية يلجأ بعض المواطنين إلى بيع ممتلكاتهم الشخصية أو اللجوء إلى أعمال هامشية لتأمين مسستلزمات العيد بينما يعيش آخرون على المساعدات الخيرية التي لا تكفي لسد احتياجات الجميع، ويحمل المشهد العام الكثير من المرارة حيث يغيب الفرح وتطغى مشاعر اليأس والإحباط على وجوه الناس الذين كانوا في الماضي يستقبلون العيد بالزينة والبهجة، تقول عائشة، معلمة : “كمعلمة، راتبي متوقف منذ سنوات، وأعتمد على مساعدات أقاربي في الخارج، لكن حتى هذه المساعدات أصبحت تصل بصعوبة لذلك سيكون العيد هذا العام هو الأصعب، فبالإضافة إلى عدم توفر المال، الأسعار أصبحت غير منطقية، كيلو اللحم يتجاوز ثمنه 10 آلاف ريال، وهو مبلغ يعادل ربع راتبي الشهري لو كنت أتقاضاه!”

وتزداد صعوبة الأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مع اقتراب العيد، حيث تتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية مما يحول المناسبة من لحظة فرح إلى محنة جديدة تضاف إلى سلسلة المعاناة اليومية التي يعيشها المواطنون تحت وطأة الصراع وانهيار الخدمات الأساسية.

Exit mobile version