إسرائيل تخطط لضم الضفة الغربية وسط تنديد عربي وأوروبي

تثير نوايا الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، لإعادة طرح مخطط ضم الضفة الغربية، على الإدارة الأميركية القادمة برئاسة دونالد ترامب، مخاوف من صفقة قرن جديدة تبدأ بتطبيق المخطط الإسرائيلي.

ويعيد هذا التوجه، مشهد صفقة القرن التي روجت لها إدارة ترامب الأولى والتي تم تدشينها بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل.

وكشفت “هيئة البث الإسرائيلية”، اليوم الثلاثاء عن أن نتنياهو سيطرح فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فور تسلم ترامب الرئاسة رسميا.

ووفقًا للهيئة فإن رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية والمستشار المقرب من نتنياهو، يعقد اجتماعات حاسمة في واشنطن مع فريق ترامب لتهيئة الأجواء لدعم هذه الخطوة.

وإعادة إحياء ملف الضم يأتي كجزء من سياسة نتنياهو لاستغلال الدعم الأميركي المتوقع، لا سيما بعد القرارات التاريخية التي شهدتها فترة ترامب السابقة، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.

وأفادت إذاعة “كان” الإسرائيلية أن العمل على خطة الضم جاهز منذ عام 2020، حيث أعد فريق برئاسة وزير العدل ياريف ليفين أنظمة وأوامر حكومية تتيح تنفيذ الضم.

وتشمل الخطة شق طرق تربط جميع المستوطنات، بما في ذلك البؤر الاستيطانية العشوائية، وتوسيع المستوطنات عبر إلحاق مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.

وتعزز هذه التحركات تصريحات وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، الذي توعد الاثنين بضم إسرائيل في العام 2025 المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، قائلا إنه يرى “فرصة” في عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة.

وأكد سموتريتش المسؤول أيضا عن الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية وبالتالي عن المستوطنات، أن “إقامة دولة فلسطينية… من شأنه أن يعرض وجود دولة إسرائيل للخطر”.

وقال إن “الطريقة الوحيدة للقضاء على هذا التهديد… هي تطبيق السيادة الإسرائيلية على مستوطنات يهودا والسامرة”، مستخدما الاسم الذي يطلقه الإسرائيليون على الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

ويقيم نحو 490 ألف اسرائيلي في مستوطنات داخل الضفة الغربية التي يقطنها ثلاثة ملايين فلسطيني. ولا يشمل هذا العدد مستوطني القدس الشرقية المحتلة.

ويُعتبر الاستيطان في الضفة الغربية غير قانوني بموجب القانون الدولي.

وأعلن سموتريتش، وهو نفسه مستوطن، أن العام 2025 سيكون “عام السيادة في يهودا والسامرة” وأنه أصدر تعليماته للإدارة بتنظيم نفسها “لإعداد البنى التحتية اللازمة لتطبيق السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية”.

وقال “ليس لدي أدنى شك في أن الرئيس ترامب الذي أظهر شجاعة وتصميما في قراراته خلال فترة ولايته الأولى، سيدعم دولة إسرائيل في هذه الخطوة”.

والتحركات الإسرائيلية قوبلت بمعارضة واسعة، إذ أدان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، عبر منشور عبر منصة إكس تصريحات سموتريتش، واصفا إياها بأنها “تقوض القانون الدولي وتنتهك حقوق الفلسطينيين”.

كما أدان السفير الألماني لدى إسرائيل، شتيفن زايبرت، مخططات ساسة إسرائيليين من اليمين المتطرف لضم الضفة الغربية المحتلة.

وكتب زايبرت على منصة “إكس” أن التصريحات ذات الصلة التي أدلى بها سموتريش كانت بمثابة “دعوة مفتوحة للضم”، وأضاف “أي استعدادات لتنفيذ هذا الهدف تمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي. ونحن ندين هذا الإعلان الذي يهدد استقرار المنطقة بأكملها”.

من جهتها، حذرت دول عربية من بينها الأردن من أن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة سيشكل تهديدًا لاستقرار المنطقة، ويعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان إنها تدين “بأشد العبارات التصريحات العنصرية التحريضية المتطرفة التي أطلقها الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، والداعية إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وبناء المستوطنات وتوسيعها”.

وجددت تأكيدها على رفض عمان المطلق وإدانتها لـ”هذه الدعوات التحريضية”، مضيفة: “لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة”.

كما عدت هذه التصريحات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية “خرقا فاضحا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصاً القرار 2334 الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967 (..)”.

وطالبت الخارجية الأردنية المجتمع الدولي بـ”تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وحكومتها المتطرفة بوقف عدوانها على غزة ولبنان، وتصعيدها الخطير في الضفة”، داعية إياه لـ”توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وتلبية حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة”.

ومن جهتهاـ أدانت مصر اليوم الثلاثاء، بـ”أشد العبارات” تصريحات سموتريتش، ووصفتها في بيان أصدرته وزارة الخارجية بأنها “غير المسؤولة والمتطرفة من عضو في الحكومة الإسرائيلية، تعكس بوضوح التوجه الإسرائيلي الرافض لتبنى خيار السلام بالمنطقة، وغياب شريك إسرائيلي قادر على اتخاذ قرارات شجاعة لإحلال السلام، ووجود إصرار على تبنى سياسة الغطرسة وهى ذات السياسة التي أدخلت المنطقة في دائرة الصراع الراهنة”.

يرى مراقبون أن توقيت إعادة طرح ملف الضم ليس صدفة، حيث تسعى إسرائيل لاستغلال فترة التحولات الدولية، حيث ينشغل العالم بأزمات أخرى مثل الحرب في أوكرانيا والتوتر بين الولايات المتحدة والصين.

ويقول المراقبون إن الدعم المتوقع من إدارة ترامب يوفر لإسرائيل غطاء سياسيا يمكّنها من المضي قدما دون خشية مواجهة ضغوط دولية حادة، مشيرين إلى إن المخطط يعيد شبح “صفقة قرن” جديدة، يبدو أن إدارة ترامب ستعيد إنتاجاها بناء على المخطط الإسرائيلي الجديد.

على المستوى الفلسطيني، قد تؤدي هذه الخطوة إلى إنهاء أي أمل في حل الدولتين، ما يفتح الباب أمام تصعيد ميداني خطير.

وقال نبيل أبوردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن تصريحات سموتريتش تؤكد نية الحكومة الإسرائيلية ضم الضفة الغربية في تحد للقانون الدولي.

وأضاف “نحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه السياسات الخطيرة التي تقود المنطقة للانفجار الشامل، كما نحمل الإدارة الأميركية المسؤولية جراء دعمها المتواصل للاحتلال للاستمرار في جرائمه وعدوانه وتحدي الشرعية الدولية والقانون الدولي”.

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أنها “تدين بأشد العبارات” تصريحات سموتريتش بشأن تطبيق “السيادة” على الضفة الغربية المحتلة.

واعتبرت أن هذه التصريحات “استعمارية عنصرية بامتياز، وامتداد لحرب الإبادة والتهجير” ضد الشعب الفلسطيني.

ورأت أن “الفشل الدولي في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية وتلك الداعية لوقف حرب الإبادة يشجع إسرائيل على التمادي في جرائمها وانتهاكاتها الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية وتقويض فرصة تطبيق حلّ الدولتين”.

وأكدت القمة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الرياض الاثنين على أن لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من كل الأراضي العربية المحتلة إلى خط الرابع من يونيو 1967، داعية الى حشد الدعم الدولي لإقامة دولة فلسطين.

ودعت القمة العربية والإسلامية إلى توحيد الأراضي الفلسطينية بما يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، مشددة على “سيادة دولة فلسطين الكاملة على القدس الشرقية المحتلة”.

وكان ترامب خلال ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021 داعما بشدة لإسرائيل، وقام حتى بخطوات لم يسبقه إليها أي من الرؤساء الأميركيين، مثل نقل سفارة واشنطن من تل أبيب الى القدس والاعتراف بضمّ إسرائيل للجولان السوري المحتل ودعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

كما كان عرّاب إبرام اتفاقات تطبيع بين إسرائيل من جهة، وكلّ من الإمارات والبحرين والمغرب من جهة أخرى، كانت الأولى من نوعها منذ تسعينات القرن الماضي.

ومن المقرر أن يشارك سموتريتش في حفل “إسرائيل إلى الأبد” الأربعاء في باريس، الذي تنظمه شخصيات يمينية متطرفة دعما لإسرائيل.

ويقام الحفل الذي طالبت منظمات ونقابات وأحزاب يسارية فرنسية بإلغائه من دون أن تتوصل إلى نتيجة، عشية مباراة كرة قدم بين منتخبي فرنسا وإسرائيل.

واعتبرت السلطات الفرنسية أن هذه المباراة “عالية الخطورة” بعد أعمال عنف وقعت الخميس الماضي في أمستردام على هامش مباراة لفريقي مكابي تل أبيب وأياكس أمستردام.

Exit mobile version