قتلوا 24 شيخا قبليا وسحلوهم.. التدمير الحوثي والاستعباد المقصود للقبيلة

تقرير

منذ استيلائها على أجزاء واسعة من اليمن، اتبعت جماعة الحوثي سياسة ممنهجة لتفكيك القبيلة اليمنية التي ظلت لقرون حصنًا منيعًا للهوية والتماسك الاجتماعي، ولم تكتفِ الجماعة بإضعاف دور القبيلة وتحييدها بل جعلتها أداة للتحشيد وتغذية الصراعات والحروب العبثية مستخدمةً مبدأ “فرق تسد” لضمان بقائها في السلطة.

استراتيجية التفتيت

واعتمد الحوثيون على إثارة النزاعات بين القبائل وتحويل الخلافات البسيطة إلى حروب طاحنة وبدل أن تكون القبيلة قوة موحدة كما كانت عبر قرون أصبحت مناطق خصبة للصراع والثارات تُستنزف كامل طاقاتها في معارك داخلية تشغلهم عن مواجهة الحوثي. ومن أبرز أدواتهم في ذلك تغيير الخريطة القبلية وتهميش الزعامات التقليدية ذات النفوذ الأصيل واستبدالها بشخصيات “موالية” غالبًا ما تكون ذات سجلات إجرامية أو بلا وزن اجتماعي، واستغلال الأعراف القبلية مثل تحويل “النكف” إلى آلية لحشد المقاتلين لصالح الحوثيين، ففي 2020، استغلت الجماعة نكف آل “سبيعيان” في مأرب لتعزيز وجودها العسكري وإحياء نزاعات قديمة بين قبائل مأرب، واستغل الحوثي القبائل كذلك في إصدار ما يسمى “وثيقة الشرف القبلي” (2019)، التي زُعم أنها لتنظيم شؤون القبائل بينما هدفت إلى شرعنة انتهاكات الحوثيين ضد خصومهم تحت ذرائع قبلية.

القبيلة كوقود للحرب

وفي عهد الحوثيين تحوّلت القبيلة إلى مصدرٍ للجنود والمقاتلين في حرب الحوثيين ضد الحكومة الشرعية، لكن في الوقت نفسه لم يُجْدِ ولاء القبائل ورفدهم للجبهات بالمقاتلين نفعًا ولم يسلمهم من شر الحوثيين حتى أبرز الموالين، حيث تعرّض العديد من مشايخ القبائل الحوثيين السابقين للتصفية بعد انتهاء دورهم، كما حدث مع “مجاهد قشيرة الغولي” الشيخ القبلي البارز الذي سهل مهمة دخول الحوثيين الى عمران وسُحلت جثته علنًا بعد تصفيته، والشيخ “سلطان الوروري” الذي قُتل بعد تقدمه في صفوف الحوثيين نحو عدن، والشيخ “عبد القادر سفيان” (وكيل محافظة إب): الذي أُعدم في مسرحية “خلاف داخلي”.

وحسب تقارير إعلامية، فإن الحوثيين قاموا بتصفية 24 شيخًا قبليًا من حلفائهم خلال عامين فقط، بعضهم قُتل أمام عائلاته أو نُفّذت فيه أحكام إعدام ميدانية.

قبائل حجور. نموذج للقمع والانتقام

وتجلّى كره الحوثيين للقبيلة في حملتهم الوحشية ضد قبائل حجور في حجة، عندما حُوصرت المنطقة ومنع عنها الغذاء والدواء ودُمّرت مئات المنازل وشُرّد آلاف المدنيين واستخدمت الميليشيا ” الصواريخ الباليستية” ضد أبناء حجور، وكانت هذه الحملة انتقامًا لموقف القبيلة الداعم للجيش اليمني، وكشفًا صارخًا عن نهج الجماعة الذي يرث سياسات الإمامة القمعية.

لذلك، وبعد أن كانت القبيلة عمادًا للتوازن الاجتماعي والسياسي في اليمن، أصبحت تحت سيطرة الحوثيين أشبه بـ” الكيان المشلول” الذي يُستنزف في الحروب، وتُهان رموزه، وتُستبدل زعاماته بين الوقت والآخر بشخصيات مطيعة.

Exit mobile version