أعلنت قوات الدعم السريع اليوم الخميس موافقتها على مقترح لهدنة إنسانية في السودان قدمته الرباعية الدولية، التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم “الدعم السريع” في بيان “تلبية لتطلعات ومصالح الشعب السوداني، تؤكد قوات الدعم السريع موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية المطروحة من قبل دول الرباعية، وذلك لضمان معالجة الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عن الحرب وتعزيز حماية المدنيين”.
وأكد المتحدث أن قوات الدعم السريع تتطلع إلى “تطبيق الاتفاق والشروع مباشرة في مناقشة ترتيبات وقف العدائيات”.
غارات جوية مكثة
في ضوء ما يشهده إقليم كردفان هذه الأيام من عمليات تصعيد متواصلة بين طرفي الصراع، شن طيران الجيش السوداني غارات جوية مكثفة على مواقع قوات “الدعم السريع” في مدينتي أبو زبد والنهود الواقعتين في ولايتي شمال كردفان وغربها، وذلك لشل تحركات الأخيرة في مناطق الوسط الغربي، وقطع عمليات الإمداد والتعزيزات لقواتها المنتشرة في تلك المناطق.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الغارات استهدفت مراكز العمليات المتقدمة وقوات الإسناد والالتفاف التابعة لـ”الدعم السريع”، إضافة إلى مستودعات الوقود والزخائر، مما أحدثت دماراً واسعاً في الآليات والمركبات القتالية التي كانت تستخدمها في هجماتها الأخيرة، لافتة إلى أن تلك الضربات الجوية تسببت أيضاً في إرباك وإفشال الخطط الميدانية لتلك القوات في عدد من الجبهات الاستراتيجية.
وتزامناً مع هذه الغارات دفع الجيش بتعزيزات عسكرية كبيرة نحو مدينتي بارا والأبيض بولاية شمال كردفان، في خطوة تهدف إلى تحصين خطوط الدفاع وصد أية محاولة هجوم من قوات “الدعم السريع”. ويسعى الجيش إلى استعادة بارا التي سيطرت عليها الأخيرة في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بينما تحاول قوات “الدعم السريع” إحكام الحصار على الأبيض والسيطرة عليها.
استهداف الدمازين
في الأثناء، أسقطت الدفاعات الجوية للجيش عدداً من المسيرات الانقضاضية التابعة لـ”الدعم السريع”، أثناء محاولتها استهداف مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق جنوب البلاد.
ووفقاً لمصادر عسكرية، فإن وحدات الدفاع الجوي تصدت للهجوم بكفاءة عالية، من دون وقوع أضرار بشرية أو مادية داخل المدينة، موضحة أن الجيش يواصل تأمين الأجواء في جميع ولايات البلاد تحسباً لأية هجمات مماثلة.
وظلت “الدعم السريع” منذ فترة تشن هجماتها بالمسيرات القتالية على المدن الآمنة والمنشآت المدنية، إذ استهدفت المرافق الحيوية والخدمية في عدد من الولايات مثل محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات في ولايات الخرطوم والجزيرة ونهر النيل، مما تسبب في أزمات إنسانية ومعيشية متزايدة، وهو ما عده مراقبون خرقاً واضحاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحظر مهاجمة المدنيين والبنى التحتية.
استمرار النزوح
إلى ذلك، تواصلت عمليات النزوح من مدينة الفاشر ومحيطها بولاية شمال دارفور هرباً من تدهور الأوضاع وتصاعد الانتهاكات في حق المدنيين في أعقاب سقوطها في الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأشارت منظمة الهجرة الدولية، إلى نزوح أكثر من 81 ألف شخص من الفاشر والقرى المحيطة بها حتى الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، موضحة بأن معظم النازحين لا يزالون داخل محلية الفاشر، بينما نزح عدد أقل إلى محليات كبكابية ومليط وكتم وطويلة في شمال دارفور.
وبينت بأنه جرى تسجيل أعداد أقل في ولايات أخرى من السودان، بما في ذلك محلية كوستي بولاية النيل الأبيض، ومحلية غبيش بغرب كردفان (جنوباً)، ومحليتا وسط جبل مرة وشمال جبل مرة بوسط دارفور، ومحليتا غرب الجنينة وكلبس بغرب دارفور، ومحلية شعيرية بشرق دارفور، ومحليتا شرق جبل والوحدة بجنوب دارفور (غرباً).
وأكدت المنظمة أن الفرق الميدانية أفادت بانعدام الأمن الشديد على طول الطرق، مما يعوق حركة التنقل، إذ لا يزال الوضع متوتراً ومتقلباً مع استمرار انعدام الأمن وحركة السكان المتواصلة.
حالات حرجة
حذرت شبكة أطباء السودان، من تدهور الأوضاع بصورة حادة داخل مخيمات طويلة وكورما، وقولو غرب مدينة الفاشر، إذ تزايدت أعداد النازحين الفارين من الأخيرة لأكثر من 36 ألف نازح خلال الأيام الماضية.
وأشارت الشبكة في بيان إلى وصول عدد من المصابين من الفاشر إلى معسكر قولو في حالات حرجة نتيجة إصابات بالغة، وسط غياب شبه تام للخدمات الطبية ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات العلاجية.
ونوه البيان إلى أن معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال والنساء الحوامل تتصاعد بصورة مقلقة، في ظل ظروف صحية متدهورة ونقص الدعم الإنساني، لافتاً إلى أن التكدس الكبير داخل المعسكرات دفع مئات من النازحين إلى الافتراش في العراء بلا مأوى أو حماية، بعد عجز المنظمات الإنسانية عن توفير الخيام والمساكن الموقتة.
ونبه البيان على أن استمرار تدفق النازحين من الفاشر نحو معسكرات قولو وكورما وطويلة، التي تحولت فعلياً إلى مراكز استقبال للفارين من العنف، يضاعف الضغط على الخدمات المحدودة المتاحة، داعياً إلى تدخل عاجل لتوسيع الطاقة الاستيعابية وتوفير الاحتياجات الأساسية العاجلة للسكان.
وأوضح البيان أن الجهود الإنسانية الحالية على رغم أهميتها لا تزال قاصرة عن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، مبيناً بأن عمليات نهب الإغاثة المتكررة تعوق وصول المساعدات إلى مستحقيها وتفاقم الأزمة الإنسانية بصورة خطرة.
ورقة ضغط
من جانبها، اتهمت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر جهات لم تفصح عنها باستخدام الانتهاكات ضد المدنيين كورقة ضغط سياسية وتفاوضية، لافتة إلى أن هذا النهج يهدد وحدة البلاد ومستقبلها.
وأفادت التنسيقية في بيان بأن “الواقع يبرهن أن من يستخدم ورقة الانتهاكات لتحقيق مكاسب سياسية من دون موقف ميداني أو رؤية واضحة، هو الخاسر الأكبر في معادلة الحرب والسلام، إذ لا يجوز المتاجرة بدماء السودانيين، وأن معاناة الشعب ليست أداة للاستثمار السياسي”.
وأشار البيان إلى أن القضية لم تعد مجرد توثيق للمظالم والانتهاكات، بل تتعلق بمستقبل وطن مهدد بالانقسام والدمار إذا استمر هذا النهج، داعياً جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية في هذه المرحلة الحرجة.
ولفت البيان إلى أن الأزمة السودانية لا تملك سوى خيارين، إما مواجهة مسؤولة في الميدان دفاعاً عن الوطن، أو جلوس صادق إلى طاولة التفاوض يضع حداً لمعاناة المدنيين ويعيد للسودان استقراره ووحدته.
التخلص من الجثث
من جهتها، أفادت جامعة ييل الأميركية بوجود أدلة جديدة تشير إلى أن قوات “الدعم السريع” نفذت عمليات قتل جماعي في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ثم شرعت في حفر مقابر جماعية وجمع الجثث لإخفاء آثار الجرائم، بعد سيطرتها على المدينة بعد معارك دامية مع الجيش.
وأشار تقرير صادر عن مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة في جامعة ييل إلى أن تحليل صور الأقمار الاصطناعية التي جمعت بين منتصف أكتوبر ونهايته، أظهر نشاطاً مريباً في مواقع عدة داخل المدينة يرجح أنها أماكن دفن حديثة.
ونوه التقرير إلى أن الصور أظهرت تحركات لآليات ثقيلة في محيط مستشفى الفاشر التعليمي وأحياء سكنية تضررت بشدة خلال الهجمات الأخيرة، مع وجود تغيرات واضحة في لون التربة وبقع داكنة توحي بوجود دماء أو مواد محترقة، مما يعزز فرضية محاولة القوات دفن الجثث وإزالة آثار المجازر.
وحث التقرير الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق عاجل في الجرائم المزعومة، لافتاً إلى أن التأخير في الوصول إلى مواقع الدفن قد يؤدي إلى ضياع الأدلة الجنائية التي توثق حجم الانتهاكات.
اتهام جهات خارجية
إلى ذلك، اتهمت قوات “الدعم السريع”، جهات خارجية لم تسمها بالوقوف وراء هجمات جوية نفذتها طائرات مسيرة انطلقت من قاعدة خارجية استهدفت مناطق مأهولة بالسكان في مدينتي زالنجي وكبكابية بإقليم دارفور، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين العزل، بينهم نساء وأطفال.
وعدت “الدعم السريع” في بيان هذه الهجمات بأنها عدوان آثم نفذه جيش الحركة الإسلامية، مشيرة إلى أن العملية تمت بدعم من جهات خارجية ظلت ترصد تدخلاتها المتزايدة في الصراع الدائر في البلاد.
وتأتي هذه الاتهامات في ظل تصاعد العمليات العسكرية في إقليم دارفور، وتبادل الاتهامات بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في شأن استهداف المدنيين واستخدام الطائرات المسيرة في المعارك الدائرة منذ أشهر.
رفض التسويات
في غضون ذلك، رفضت القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة، “أية تسويات أو حلول تكرس واقعاً مختلاً يساوي بين الدولة الشرعية والميليشيات الخارجة عن القانون”، وذلك بعد يوم من اجتماع مجلس الأمن والدفاع السوداني في العاصمة الخرطوم.
وثمنت هذه القوات في بيان ما سمته بالموقف الوطني الواضح للحكومة السودانية وقيادة الجيش في تمسكهما بالحقوق المشروعة في الدفاع عن الوطن ومواجهة آلة القتل والدمار التي تمارسها ميليشيات “الدعم السريع” بدعم أجنبي معلن.
وحث البيان المواطنين في داخل البلاد وخارجها إلى الالتفاف حول مؤسسات الدولة الشرعية ومساندة الجيش والقوات المشتركة في هذه المرحلة الحاسمة والعمل بكل الوسائل الممكنة لدعم جهود التعبئة الوطنية الشاملة حتى تحقيق النصر الكامل.
وشدد البيان على أهمية استمرار الجهود الإنسانية لمساندة المتضررين من الحرب، والكشف عن الانتهاكات الجسيمة المتمثلة في جرائم الحرب والإبادة التي ترتكبها الميليشيات، والتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية في التحقيقات التي أعلنتها أخيراً.

“الليكود” يعلن إعادة انتخاب نتنياهو رئيسًا للحزب وترشيحه لسباق رئاسة الوزراء المقبل
الإعلام الحكومي في غزة: 10 آلاف شخص ما زالوا مفقودين تحت الأنقاض
إسرائيل تشن غارات مكثفة على جنوب لبنان بعد إنذارات بإخلاء فوري
مقتل 40 شخصًا بهجوم في الأبيض السودانية والجيش يرفض مقترحًا أميركيًا للهدنة