الروبوتات تتطوع لخدمة الزبائن في المطاعم الألمانية

يهمس الروبوت في مطعم بجوار مطار ببلدة جلنهاوزن التي تبعد بمسافة 45 كيلومترا عن فرانكفورت من جهة الشرق، قائلا “إليك طعامك”. وبنبرة رقيقة يضيف، “فضلا خذ الطعام من الصينية رقم واحد”.

ويستجيب الضيف، وتمتد يده إلى الطبق المملوء باللحم الذي يتصاعد البخار منه بالإضافة إلى الصوص والبطاطس المهروسة. وينبعث صوت من عربة تقديم الطعام، يقول “اضغط على الشاشة للتأكيد”، ويختتم الروبوت كلماته، بالإعراب عن أمانيه بأن يتمتع الزبون بشهية طيبة، عندئذ يبتسم وجه الشاشة بعينين كبيرتين تعبران عن الحب، وفم تعلوه ابتسامة عريضة.

ثم يقول الروبوت وهو يغادر مكان الطاولة “إنني نادل أعمل بكل جد واجتهاد، وأنا سعيد بأن أخدمك”. ومن الواضح أن هذا النادل الذي يدور في المكان ذاتيا، يشعر بالثقة في نفسه، ويمارس سلوكا صحيحا يناسب هذه الوظيفة، وعندما ينتهي الروبوت الذي يعرف باسم “بي نات”، من خدمة الطاولة يعود إلى موقعه المعتاد، وينبعث منه لحن كلاسيكي، ثم ينتظر ليعرف ما إذا كانت صاحبة المطعم فيرونيكا دول، ستصدر إليه أوامر أخرى، مثل توصيل أكواب القهوة، أو جمع الأطباق والأدوات المستعملة من طاولة أخرى.

وتثني دول على الروبوت النادل، وتقول “إنه يقدم مساعدة كبيرة لي عندما أكون وحدي في المطعم، نظرا لأن النقص العام في الأيدي العاملة في مجال المطاعم يمثل مشكلة كبيرة لنا”. وحصلت دول في نهاية أكتوبر الماضي، على مساعدها الروبوت مجانا ليعينها في العمل لمدة أربعة أسابيع، ونظمت المشروع وكالة سبيسارت للتسويق السياحي في منطقة جنوب غربي ألمانيا، بدعم من ضاحية مين كينزيج بولاية هيسه، وغرفة التجارة والصناعة بمدينة هاناو.

ويقول بيرنارد موسباشر مدير وكالة سبيسارت للسياحة “نحن على تواصل مستمر مع مجال الفندقة والمطاعم في المنطقة، حيث يعد نقص العمالة الماهرة مشكلة بارزة”، وهذا هو السبب في تبني الوكالة، فكرة تجربة استخدام الروبوت في خدمة زبائن المطاعم، لمعرفة ما إذا كانت هذه الفكرة ستساعد على إنعاش نشاط المطاعم، والذي يعمل بدوره على دعم حركة السياحة.

ومن المقرر أن يستمر المشروع لمدة عامين، ويعد المطعم الكائن على حافة المطار هو المحطة الثانية للمشروع، وينظر إليه على أنه الموقع المثالي لتطبيق التجربة، حيث أنه يقع في الطابق الأرضي، ولا توجد به سلالم تعوق سير الروبوت بين الطاولات، كما أن أرضيته مكسوة بالخشب، مما يساعد الروبوت على الحركة بسهولة، وتدعم جامعة هيلبرون المشروع بدرجة كبيرة.

ويقول موسباشر “إن هناك اهتماما كبيرا بالمشروع، ووقعت سبع شركات عقودا لاستخدام الروبوت”، ويضيف “بعد تجربة بلدة جلنهاوزن سيستمر الاستعانة بالربوتات بسلاسة، ونريد أيضا أن نختبرها في مناطق مختلفة”. ويتابع “كان الاختبار الأول في فندق، والثاني في مطعم بجوار المطار، ثم ستنتقل التجربة في حانة تقدم فيها الوجبات الخفيفة، وبعدها في مستشفى للتأهيل مما أرى أنه سيمثل إمكانات هائلة”.

والروبوت “بي نات” من إنتاج شركة بي.زد.بي بروزنتروم في بلدة جلنهاوزن، ويقول مدير الشركة مارك إيهل “حاولنا عن قصد أن نجعل الروبوت لطيفا”، ويضيف “إن ذلك من شأنه أن يساعده، على أن يكون جذابا لزبائن المطعم، ويحد من أي مشاعر للتشكك في قدراته”، وبالإضافة إلى “بي نات” يتضمن البرنامج أيضا الروبوت “شورش”، وآخر لم يتم تسميته بعد.

وتقول صاحبة المطعم إن “الأطفال أحبوا الروبوت بي نات”، وتضيف “إنهم يحبون أن يركضوا وراءه، لأنه يراوغهم دائما وبالتالي يشعرون أنه يجلب لهم المرح، وأحيانا يريدون أن يجلسوا فوقه”. غير أن ما أدهشها حقا، هو أن زبائنها الذين تجاوزوا السبعين من أعمارهم، تفاعلوا مع الروبوت بشكل إيجابي، وبالطبع يوجد أيضا من بين رواد المطعم، مشككون في قدرات الروبوت على تلبية طلباتهم، أو الذين يعتقدون أن الروبوت الذي يقدم لهم الخدمة، سيفتقر إلى اللمسة الإنسانية.

وتؤكد دول صاحبة المطعم أنها توفر لزبائنها هذه اللمسة، وتقول “إنني أتابع دائما مع ضيوف المطعم، بشكل شخصي وأدون طلباتهم، ولا يستطيع الروبوت أن يفعل ذلك، مثلما ليست في قدرته صب الجعة”. بينما يقول إيهل إن “سعر الروبوت شورش وزميله بي نات، وكذلك رفيقهما الروبوت الذي لم يتم إطلاق اسم عليه بعد، يتراوح بين 12 ألف يورو إلى 14 ألف يورو، (13150 دولارا إلى 15300 دولار)، هذا في حالة رغبتك في شراء واحد منهم”، ويضيف “إننا نعرضهم أيضا للإيجار، بأسعار تتراوح بين 450 يورو إلى 520 يورو في الشهر”.

Exit mobile version