في ليلة لم تكن كسابقاتها، اجتاحت سيول مفاجئة وعنيفة عدة محافظات يمنية، تاركة خلفها مشاهد مأساوية من الدمار والخسائر البشرية. لم يكن هناك ما ينبئ بهذه الكارثة، سوى تحذيرات خافتة من المركز الوطني للأرصاد، سرعان ما تحولت إلى واقع مرير عاشه آلاف اليمنيين خلال ساعات قليلة.
في محافظة الحديدة، انهارت ثلاثة منازل دفعة واحدة، لتودي بحياة ثلاثة أشخاص كانوا يحتمون بها من الأمطار. الطرق والجسور التي تربط القرى ببعضها جرفتها المياه، تاركة السكان في عزلة تامة، بينما غمرت السيول آلاف المنازل والأراضي الزراعية، ما ينذر بأزمة غذائية قادمة.
أما في حضرموت، فقد ابتلع وادي العين ثلاثة أرواح، غرقوا في لحظة واحدة، بينما كانت فرق الإغاثة تحاول الوصول إليهم وسط تضاريس صعبة ومياه متدفقة بلا هوادة. وفي المهرة، لم تكن الطفلة ذات الأربعة عشر عامًا تعلم أن البركة التي تشكلت أمام منزلها ستكون مصيرها الأخير.
لكن المأساة لم تتوقف عند حدود الضحايا، بل امتدت إلى مخيمات النازحين في محافظات الجوف وحضرموت وشبوة وضالع وأبين، حيث يعيش أكثر من ثلاثة آلاف أسرة في ظروف لا تحتمل. السيول داهمت خيامهم الهشة، وجرفت ما تبقى من مقتنياتهم، لتزيد من معاناتهم التي لم تنتهِ منذ سنوات الحرب والنزوح.
المركز الوطني للأرصاد لم يتأخر في إصدار تحذير جديد، مؤكدًا أن الأمطار الغزيرة ستستمر خلال الأيام المقبلة، داعيًا المواطنين إلى الابتعاد عن مجاري السيول وبطون الأودية. وفي المقابل، تواصل فرق الطوارئ جهودها رغم التحديات، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وسط نقص حاد في المعدات والدعم اللوجستي.