ذكرت مصادر إسرائيلية أن الجندي الذي صدر بحقه أمر توقيف في البرازيل بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في غزة فر قبل اعتقاله وسيعود إلى إسرائيل قريبا، في حين وجهت أمهات لجنود إسرائيليين رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هاليفي للتحذير من مواجهة الجنود خطر المحاكم الدولية.
وتمكن الجندي الإسرائيلي من الفرار من البرازيل بع أن أمرت السلطات القضائية هناك بإيقافه للتحقيق معه بتهم تتعلق بارتكابه جرائم في غزة، وبناء على شكوى جنائية تقدمت بها مؤسسة حقوقية.
ويعود إصدار هذا الأمر القضائي إلى المحكمة الفدرالية بالبرازيل، بعد موافقة المدعي العام الاتحادي، وبناء على الشكوى الجنائية التي تقدمت بها مؤسسة “هند رجب” قبل أسبوع ضد المشتبه فيه، والذي يوجد حاليا بالبرازيل في إجازة من أجل السياحة.
ونقلت صحيفة “إسرائيل اليوم” عن أحد أفراد أسرة الجندي أنه تمكن من الفرار من البرازيل بمجرد أن أدرك أنه سيتم استجوابه، وأوضح أنهم على اتصال به لكنهم يفضلون عدم الكشف عن الوجهة التي فر إليها وتوقع عودته لإسرائيل قريبا.
من جانبه، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن “اضطرار جندي إسرائيلي للفرار من البرازيل لتجنب القبض عليه لأنه قاتل بغزة فشل سياسي هائل لحكومة غير مسؤولة”، وتساءل “كيف وصلنا إلى أن الفلسطينيين أفضل من الحكومة الإسرائيلية على الساحة الدولية؟”.
واعتبر أن الجنود لا يجب أن يخافوا من السفر للخارج خوفا من الاعتقال، وقال إن الحادث كان يمكن تجنبه لو تم “تشكيل لجنة تحقيق رسمية تحمينا قانونيا من جهة، وتفعيل نظام دعاية فعال ومنسق من جهة أخرى”.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن منظمة “أم يقظة”، التي تجمع أمهات الجنود قالت في رسالتها لنتنياهو وهاليفي إنه “على الرغم من التحذيرات المتكررة من الخطر القانوني الذي يواجه الجنود من المحاكم الدولية، فإن الحكومة لم تتخذ خطوات كافية لحمايتهم، وأضافت “لقد دفنت الحكومة الإسرائيلية رأسها في الرمال وسمحت لدوامة الفوضى التي أثارها وزراؤها المتطرفون بالخروج عن السيطرة”.
وأضافت “في غياب سياسة واضحة وأهداف محددة وضعتها الحكومة، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه يقاتل لمدة 15 شهرا دون أهداف أو إستراتيجية واضحة.. النتيجة هي حرب طويلة ومرهقة تستنزف جنود الجيش الإسرائيلي وتسمح للفكر المتطرف بالتغلغل داخل الجيش”.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى حادثة سابقة، فرّ فيها ضابط احتياط بالجيش الإسرائيلي من قبرص بعد أن نشرت المنظمة الفلسطينية صورته واسمه وأعلنت تقديم شكوى ضده بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وفي حادثة أخرى، تم رصد جندي إسرائيلي أثناء رحلة في سريلانكا، حيث أُمرت إسرائيل الجندي بمغادرة البلاد خوفاً من اعتقاله.
وجاءت رسالة الأمهات بعدما أمرت المحكمة الفدرالية بالبرازيل بالتحقيق مع الجندي الإسرائيلي بموجب شكوى قدمتها منظمة “هند رجب” الحقوقية التي تعمل على محاكمة الجنود الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم.
واتهمت الشكوى الجندي بـ”المشاركة في هدم أحياء مدنية كاملة في غزة خلال حملة ممنهجة، وهذه الأفعال جزء من جهد أوسع لفرض ظروف معيشية غير محتملة للمدنيين الفلسطينيين، كما تشكل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي”.
وقالت منظمة “هند رجب” في الشكوى التي تضم أكثر من 500 صفحة، إن لديها أدلة على الأفعال التي ارتكبها الجندي الإسرائيلي، وأوضحت أنه تم جمع الأدلة من خلال “معلومات استخباراتية من مصادر مفتوحة”.
وتتضمن الأدلة التي تم تقديمها مقاطع فيديو وبيانات تحديد الموقع الجغرافي وصورا تظهر المشتبه فيه شخصيا يزرع متفجرات، ويشارك في تدمير أحياء كاملة، و”هذه المواد تثبت دون شك تورط المشتبه فيه مباشرة في هذه الأفعال الشنيعة”، حسب بيان صادر عن المؤسسة الحقوقية.
ونقلت وسائل إعلام عن المؤسسة قولها، إن قرار التوقيف يمثل “اختراقا قانونيا”، وتأتي أهميته من أنه للمرة الأولى لا يتم فقط فتح تحقيق من قبل الادعاء، بل “يصدر قرار ظني من قبل الادعاء، وتتبناه المحكمة، وتصدر بناء عليه أمرا قضائيا مستعجلا للقوى الأمنية؛ لأخذ الإجراءات الضرورية لاستكمال التحقيق، بما في ذلك احتمال التوقيف على الأقل”.
وحسب البيان الصادر عن مؤسسة “هند رجب”، فقد انضمت عائلات دُمرت منازلها إلى هذه القضية بوصفهم مدعين، كما منحوا وكالة لفريق الدفاع القانوني الخاص بالمؤسسة، معتمدين عليهم لمتابعة العدالة نيابة عنهم.
وقد أنشأت مؤسسة “هند رجب” تكريما لذكرى الطفلة هند رجب (6 سنوات) التي قتلها الاحتلال الإسرائيلي مع جميع أفراد أسرتها في حي تل الهوى (جنوب غربي قطاع غزة) في يناير/كانون الثاني 2024، عندما كانوا يحاولون النجاة بأنفسهم من القصف.