صحيفة عبرية: قراءة إسرائيلية لتهديدات أردوغان.. خطر حقيقي أم شعبوية تغازل ساحته الداخلية؟

د. حي ايتان كوهن ينروجيك

علاقات إسرائيل – تركيا، تتدهور في هبوط حر عقب الحرب في غزة، ووصل التطبيع الهش بين القدس وأنقرة إلى نهايته. بعد وقف الرحلات الجوية المباشرة وقطع العلاقات التجارية، ها هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريح غير مسبوق، وإن كان مبطناً، لكنه علني، يهدد إسرائيل باجتياح عسكري.

لماذا اتخذ أردوغان موقفاً متطرفاً بهذا القدر؟ الجواب في واشنطن. الخطاب الناجح الذي ألقاه رئيس الوزراء نتنياهو في الكونغرس الأمريكي والمعاملة الحارة التي حظي بها، بخاصة التصفيق، حظيت بعناوين رئيسة في تركيا، وأخرجت أردوغان عن صوابه. كـ “رد تركي مناسب”، سعى أردوغان إلى دعوة أبو مازن لإلقاء خطاب في البرلمان التركي، لكن بخلاف توقعاته، استجيب بالرفض. من زاوية نظره، تعد هذه إهانة من الدرجة الأولى. وقد طلب اعتذاراً من رئيس السلطة الفلسطينية.

أمام هزء المعارضة الإسلامية في بلاده، ولصد النقد الداخلي في صفوف حزب “الرفاه الجديد” والذي بموجبه لا يفعل ما يكفي من أجل الفلسطينيين، شدد أردوغان موقفه ضد إسرائيل وألمح باجتياح عسكري مستقبلي. هكذا نجح في تحييد النقد ضده، وأبقى لنفسه لقب “الزعيم الأكثر مناهضة لإسرائيل” في الطيف السياسي التركي.
مع أن هناك من يرى في تصريحه ليس سوى خطوة سياسية داخلية، مع اعتبار أنها أقوال لم يقلها سياسي صغير من حزب متطرف، بل من رئيس دولة يملك صلاحيات واسعة، لكن برأيي، علينا ألا نستخف بتهديداته.

اردوغان نفسه يعترف بأنه لا نية له لتحقيق تهديده مثلما قد نفهم من تصريحاته التي دعا فيها تركيا “للقوة العسكرية لأجل حماية الفلسطينيين في المستقبل”. كثيرون من معارضيه يعتقدون بل وواثقون بأنفسهم في أن التصريح لم يكن إلا لأغراض رص الصفوف في قاعدته. الرئيس التركي تجاوز حداً لم يسبق له أن تجاوزه، وزرع الكراهية والعداء وأدخل فكرة “الحرب المستقبلية” مع إسرائيل إلى وعي الجمهور التركي.
بمراعات وتيرة التدهور في العقدين الأخيرين، لا يستبعد السيناريو الأسوأ. إسرائيل، التي لا تريد أن تجعل تركيا عدواً، ربما تجد أنقرة في محور الشر. ليس لإسرائيل ترف لتتجاهل تهديدات أردوغان.
من شأن ساحة شرق البحر المتوسط أن تسخن، بخاصة في ضوء الحلف المتعمق بين إسرائيل واليونان وقبرص. كدولة تتصرف كدولة جزيرة، إسرائيل ملزمة بالاستعداد للتحدي وتعزيز قوة أسطولها. وبواسطة أسطول قوي، يمكن لإسرائيل استعراض “وجود متواصل في الميدان” يحمي طوافات غاز الدولة، وشواطئ البلاد أيضاً.

المصدر: إسرائيل اليوم ترجمة القدس العربي

Exit mobile version