صفقة نفط الحوثيين المغشوش.. كارثة يدفع ثمنها مركبات المواطنين

تقرير خاص

في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والمعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، طفت على السطح فضيحة جديدة هزّت بقوة ما تبقى من ثقة المواطنين في سلطات الأمر الواقع، حيث تسببت صفقة نفط مغشوشة يقف خلفها القيادي الحوثي محمد عبد السلام، الملقب بـ”أخطبوط النفط”، في تعطيل مئات المركبات وإلحاق أضرار جسيمة بمحركاتها بسبب الوقود الملوث الذي تم توزيعه على المحطات.

كارثة على الطرقات

مصادر محلية افادت بأن عشرات السائقين قد تقطعت بهم السبل على الطرقات جراء توقف مركباتهم بشكل مفاجئ، فيما أكد ميكانيكيون في ورش صنعاء أن العشرات من المركبات دخلت الورش خلال الأيام الماضية بسبب تلف مضخات الوقود واحتراق البساتم نتيجة استخدام النفط المغشوش.

وتشير تقديرات أولية إلى أن أكثر من ( 1500 مركبة)قد تضررت في العاصمة صنعاء وحدها، بينما تتجاوز الخسائر المبدئية مليارات الريالات، في وقت يعاني فيه المواطنون من ارتفاع جنوني في الأسعار وتهاوي للاقتصاد الوطني.

فضائح بالجملة

ليست هذه المرة الأولى التي يُكشف فيها عن غشّ منظم في المواد الأساسية من قبل قيادات حوثية، فقد سبق وأن تسببت صفقات فاسدة في أزمات صحية واقتصادية مدمرة.

فضيحة الأدوية المزيفة (أكتوبر 2021)، في واقعة أثارت غضباً واسعاً، تسببت شحنة أدوية مزيفة تم استيرادها عبر شركة وهمية مرتبطة بقيادات حوثية في وفاة خمسة مرضى بمستشفى الثورة بصنعاء، بسبب أدوية “أنسولين” فاسدة، وكشفت تحقيقات لاحقة أن الشحنة دخلت اليمن عبر ميناء الحديدة دون فحص، وتم توزيعها بمزاعم “مساعدات إنسانية”.

وفي يوليو 2022 كشف ميناء الحديدة عن شحنة وقود سفن مغشوشة تم بيعها لصيادي الأسماك، حيث تم تخفيفها بمادة كيميائية رخيصة تسببت في تلف 80% من محركات القوارب في مدينتي المخا والحديدة، وقدرت الخسائر بأكثر من 10 مليارات ريال يمني، وتكتمت سلطات الانقلاب عن الموضوع.

وفي اكتوبر 2022 توفي عشرة أطفال على الأقل من مرضى سرطان الدم في إحدى مستشفيات العاصمة اليمنية صنعاء إثر حقنهم بدواء “ملوث” و”مهرّب” من الخارج عبر شبكات التهريب التي تسيطر عليها جماعة الحوثي وقال مصدر طبي حينها إنّ الدواء كان منتهي الصلاحية، وإنّ الأطفال توفوا “إثر الحقن مباشرة”، وأشار إلى أن عدد الوفيات قد يكون أعلى مما أعلنت عنه سلطات الحوثيين.

وفي يناير 2023 عثرت فرق رقابة محلية على شحنة قمح مستوردة من أيران تحتوي على “أفلاتوكسين” (مادة مسرطنة) بنسبة تفوق الحدود المسموح بها بـ 15 ضعفاً، الصفقة تمت عبر وسطاء مقربين من “لجنة الاقتصاد الحوثية”، وتم تخزين القمح في مستودعات غير صحية قبل بيعه للمطاحن.

وفي فبراير 2024 أوقفت منظمة الصحة العالمية توريد أدوية سرطان الأطفال إلى اليمن بعد اكتشاف تلاعب في شحنات وصلت إلى صنعاء تحتوي على مياه معقمة بدلاً من المواد الفعالة. قدرت قيمة الصفقة الفاسدة بـ 12 مليون دولار، واتهمت تقارير أممية جماعة الحوثي بتحويل أموال الأدوية إلى “صناديق الحرب”.

غضب شعبي

المواطن أحمد النهمي، أحد المتضررين من أزمة النفط المغشوش يقول لموقع الوعل اليمني: “اشتريت الوقود من محطة معتمدة ونموذجية وبعد ساعات توقفت سيارتي في منتصف الطريق، والورشة أخبرتني أن الخزان مليء بالشوائب والماء المخلوط بالنفط”.

واضاف مواطن يدعى جمال العطار: ” في ظل غياب أي رقابة أو محاسبة يبدو أن المواطن اليمني سيواصل دفع فاتورة الفساد الذي يُدار من قبل “أخطبوطات” النهب المنظم والسؤال هو : إلى متى سيبقى اليمنيون رهينة هذه الجماعة المجرمة والصفقات القاتلة؟.

من جهته، طالب الناشط الاقتصادي عبدالرحمن الحنبصي بالتحقيق وكشف ماوصفه “مافيا الفساد الحوثية”، قائلاًلموقع الوعل اليمني “هذه الجريمة المنظمة جزء من نظام فاسد ينهب موارد البلاد ويترك المواطنين يدفعون الثمن”.

أرقام مفزعة

وتشير بيانات صادرة عن مراكز بحثية إلى أن صفقات الغش والفساد في قطاعات النفط والدواء والغذاء قد كبّدت الاقتصاد اليمني خسائر تجاوزت 900 مليون دولار منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، فيما تُظهر الإحصاءات أن 73% من الأسر في المناطق الخاضعة للحوثيين تعتمد على مواد استهلاكية رديئة الجودة بسبب الاحتكار والفساد.

Exit mobile version