تصاعدت موجة غضب شعبية في مختلف المحافظات اليمنية، إثر ارتفاع غير مسبوق في أسعار منتجات شركة “كمران” للتبغ والمعسل، وعلى رأسها صنف “الكمران الأبيض”، الذي بلغ سعره في بعض المناطق 2100 ريال يمني للعلبة الواحدة، وسط غياب أي توضيحات رسمية من الشركة.
ويأتي هذا الارتفاع في ظل تدهور اقتصادي حاد، وانهيار مستمر لقيمة العملة المحلية، ما جعل الزيادة في أسعار السجائر عبئًا إضافيًا على الأسر اليمنية، التي تعاني من تفاقم معدلات الفقر والبطالة. وقد عبّر عدد كبير من المدخنين عن استيائهم، واصفين الزيادة بـ”الكارثية”، ومطالبين الشركة بالإفصاح عن أسباب هذا التسعير المفاجئ.
وبحسب مصادر اقتصادية وتقارير إعلامية، فإن الأزمة تعود جزئيًا إلى تقليص شركة “كمران” لإنتاجها خلال الفترة الأخيرة، نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة على الكيانات الاقتصادية المرتبطة بجماعة الحوثي، والتي تشمل الشركة نفسها. وقد أدى ذلك إلى نقص حاد في المعروض من منتجات “كمران”، ما فتح المجال أمام ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وتشير تقارير أخرى إلى أن الشركة تواجه صعوبات في استيراد المواد الخام اللازمة للتصنيع، ما ساهم في تقليص الإنتاج وتراجع التوزيع المنتظم للمنتجات في الأسواق. وفي المقابل، انتشرت كميات محدودة من السجائر عبر منافذ غير رسمية، بأسعار تفوق السعر الرسمي، وسط غياب رقابة حكومية فعالة.
من جهة أخرى، أطلق ناشطون حملة إلكترونية واسعة تحت وسم #كمران_يغش_المستهلكين، طالبوا فيها الجهات الرقابية بالتدخل العاجل، وإخضاع شركات التبغ لرقابة صارمة تحول دون استغلال الظروف الاقتصادية لفرض زيادات تعسفية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن غياب آليات تنظيمية واضحة في سوق التبغ اليمني يتيح للشركات الكبرى فرض سياسات تسعير أحادية، ما يهدد بتقليل المنافسة ويعرض المستهلك لانتهاكات متكررة، خاصة في ظل غياب بدائل مماثلة من حيث الجودة والسعر.
وفي ظل استمرار الصمت الرسمي من شركة “كمران”، تبقى الشكوك قائمة حول دوافع هذا الارتفاع، بين من يرجعه إلى تكاليف فعلية، ومن يراه استغلالًا لحالة السوق الاحتكارية التي تعيشها بعض الشركات في ظل الانهيار الاقتصادي.