وليد بدران
في 21 فبراير/شباط من كل عام يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي للغة الأم، والذي اعتمدته منظمة اليونكسو عام 1999 وبدأ الاحتفال به في العام التالي.
ويشير هذا اليوم إلى أهمية اللغة في حياة البشر، كما يرمز إلى التنوع الثقافي والعرقي الذي تلخصه اللغات في تنوعها وثرائها.
ولكن ما هي قصة الاحتفال بهذا اليوم؟
في عام 1948 قام رئيس وزراء باكستان حينئذ ومؤسسها محمد علي جناح بفرض لغة الأوردو على بنغلاديش (باكستان الشرقية في ذلك الوقت).
وفي عام 1952 قررت حكومة باكستان أن الأردية “والأردية فقط هي لغة الدولة” بينما تعيش غالبية السكان في البنغال الشرقية ويتحدثون البنغالية.
وقد تحدى البنغاليون هذا القرار حيث تعد اللغة عندهم مصدر فخر، فقاموا باحتجاجات عديدة من أجل إقرار لغتهم في التعليم ووسائل الإعلام وفي العملة وطوابع البريد وغيرها.
وفي 21 فبراير عام 1952 قام طلبة ونشطاء سياسيون باحتجاجات تصدت لها القوات الباكستانية مما أسفر عن مقتل خمسة من الطلبة المتظاهرين.
وفي عام 1956 منحت حكومة باكستان وضعية اللغة الرسمية للغة البنغالية بعد سنوات من النزاع.
وفي 26 مارس/آذار عام 1971 استقلت باكستان الشرقية (بنغلاديش) عن باكستان وأصبحت البنغالية هي اللغة الرسمية للدولة الوليدة.
ويتحدث اللغة البنغالية أكثر من 196 مليون شخص في بنغلاديش وولايات البنغال الغربية وتريبورا وآسام في الهند.
و اللغة البنغالية المركز السابع في العالم من حيث عدد المتحدثين بها وهي لغة ثرية من الناحية الأدبية.
لغات مهددة
ومن المعروف أن في العالم سبعة آلاف لغة، يسجل علماء اللغات موت إحداها كل أسبوعين. ومن المتوقع أن تندثر نصفها بنهاية القرن الحالي.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من ربع اللغات التي ينطق بها سكان الولايات المتحدة وعددها 192 قد انقرض، وإن 71 منها في خطر محدق.
ومن هذه اللغات “جروس فينتري” في شمالي وسط مونتانا التي لا يصل عدد المتحدثين بها إلى عشرة اشخاص جميعهم مسنون، وليس بينهم من يتحدث اللغة بطلاقة، إذ توفي آخر هؤلاء عام 1981.
كذلك هناك لغة “مينوموني” التي يتحدث بها الناس في شمالي شرقي ولاية ويسكونسين حيث لم يبق من المتحدثين بها سوى 35 شخصا.
باديشي
هؤلاء هم الرجال الثلاثة الذين يتحدثون لغة الباديشي المنقرضة
وفي باكستان هناك “لغة باديشي” التي لغة كانت تستخدم على نطاق واسع في واد بعيد تغطيه الثلوج، في أعماق المنطقة الجبلية شمالي باكستان.
ولكنها تعد الآن لغة منقرضة حيث لا يتحدثها سوى 3 أشخاص فقط.
ويقول موقع إثنولوغ، الذي يهتم بلغات العالم ويضم قوائم بها جميعا، إن باديشي ليس لديها متحدثون بها معروفون على مدى أكثر من ثلاثة أجيال.
ولكن يوجد في وادي بيشيغرام ثلاثة رجال كبار السن لا يزالون يستخدمون تلك اللغة.
ويقول أحد هؤلاء الرجال، وهو رحيم غول: “في الجيل السابق كانت باديشي تستخدم في القرية برمتها”.
الباديشي كانت تستخدم في ذلك الوادي على نطاق واسع قبل ثلاثة أجيال
ويضيف “لكننا جلبنا للزواج نساء من قرى أخرى يتحدثن بلغة “تورالي”، وتحدث أطفالهن لغة أمهاتهم، ولذلك بدأت لغتنا تموت”.
وتعد “تورالي” اللغة المهيمنة في المنطقة، وهي نفسها تتعرض للضغط من قبل لغة الباشتو، وقد دفعت باديشي إلى حافة الهاوية في الوادي.
وقال سعيد غول، وهو ابن عم رحيم غول “أطفالنا الآن وأطفالهم يتحدثون بالـ”تورالي. فمع من نتحدث لغتنا؟”
وفي قلب الجزيرة العربية تعيش قبائل عربية تقرض الشعر وتشتهر بتربية أفضل سلالات الإبل ..إنهم عرب أقحاح، لكن لغتهم الأم ليست العربية، وهم ينتمون الي قبائل المهرة التي يتحدث أبناؤها لغة سامية قديمة غير مكتوبة، هي اللغة المهرية.
والمهرية هي إحدى اللغات المهددة بالانقراض وموطنها جنوب شبه الجزيرة العربية ويتراوح عدد المتحدثين بها بين 100 ألف و 200 ألف شخص. والأمهرية، وهي لغة سامية يتحدثها الأثيوبيون، هي الأقرب إلى اللغة المهرية من العربية.
غير أن الصورة ليست بهذه القتامة حيث يتم إحياء بعض اللغات شبه المنقرضة كاللغة “ليفونيان” في لاتفيا من خلال جهد شبابي وباستخدام الشعر.
وهناك لغات لم يتم اكتشافها إلا في السنوات الأخيرة، فلغة الإندي لم تعرف إلا حين اكتشف أحد الصحفيين مجموعة صغيرة من المتحدثين بها على الحدود بين بيرو وإكوادور.
المصدر: بي بي سي نيوز