في مناطق سيطرة الميليشيات: النساء بين الظلم والصمود

تقرير خاص

في مناطق سيطرة الميليشيات، تتعرض النساء لأشكال متعددة من العنف والانتهاكات التي تؤثر بشكل كبير على حياتهن وصحتهن النفسية.

واقع مرير

 ليلى، امرأة في الثلاثين من عمرها، تعيش في إحدى المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات. كانت ليلى تعمل معلمة في مدرسة محلية، ولكن بعد سيطرة الميليشيات على المنطقة، أُجبرت على ترك عملها. تعرضت ليلى للتهديد بالعنف إذا لم تلتزم بتعليمات الميليشيات، في أحد الأيام، تعرضت ليلى للاعتداء الجسدي من قبل أفراد الميليشيات لأنها رفضت الانصياع لأوامرهم. تعيش ليلى الآن في خوف دائم، وتعاني من آثار نفسية وجسدية نتيجة لهذا الاعتداء.

تقول ليلى لموقع الوعل اليمني: “كنت أعمل معلمة في مدرسة محلية، وكنت أحب عملي كثيرًا. كان التعليم هو شغفي، وكنت أعتبره رسالة سامية لتعليم الأجيال القادمة. ولكن بعد سيطرة الميليشيات على منطقتنا، تغيرت حياتي بشكل جذري. بدأت الميليشيات بفرض قوانين صارمة على النساء، ومنعتهن من العمل خارج المنزل. حاولت مقاومة هذه القوانين، ولكنني واجهت تهديدات مستمرة بالعنف. في أحد الأيام، تعرضت للاعتداء الجسدي من قبل أفراد الميليشيات أمام زميلاتي في المدرسة. كانت تلك اللحظة نقطة تحول في حياتي، حيث بدأت أعاني من اضطرابات نفسية وجسدية نتيجة لهذا الاعتداء. أعيش الآن في خوف دائم، وأجد صعوبة في العودة إلى حياتي الطبيعية.”

مضيفة: “قبل سيطرة الميليشيات، كانت حياتي مليئة بالأمل والطموح. كنت أستيقظ كل صباح بشغف لتعليم طلابي، وأشعر بالفخر عندما أرى تقدمهم وتفوقهم. ولكن الآن، أصبحت حياتي مليئة بالخوف والقلق. لم أعد أستطيع النوم ليلاً بسبب الكوابيس التي تلاحقني. أشعر بأنني فقدت جزءًا من نفسي، وأتمنى أن أستعيد حياتي الطبيعية يومًا ما. أعيش الآن في عزلة، حيث أخشى التحدث مع الآخرين خوفًا من أن يتعرضوا للأذى بسببي. أحاول جاهدة أن أجد القوة لمواصلة الحياة، ولكن الأمر ليس سهلاً”.

اعتداء وخطف

غير بعيد عنها، تعيش فاطمة، أم لأربعة أطفال، في منطقة تسيطر عليها الميليشيات الحوثية، بعد وفاة زوجها، أصبحت فاطمة هي المعيل الوحيد لأطفالها. تعرضت فاطمة للتهديد بالعنف إذا لم تدفع “الضرائب” التي فرضتها الميليشيات على مالكي المحلات، وفي أحد الأيام، اقتحم أفراد الميليشيات منزلها واعتدوا عليها جسديًا أمام أطفالها. تعاني فاطمة من آثار نفسية شديدة نتيجة لهذا الاعتداء، وتعيش في خوف دائم على سلامة أطفالها.

فاطمة كانت تعيش حياة بسيطة مع زوجها وأطفالها قبل أن تندلع الحرب، لكن بعد وفاة زوجها، أصبحت فاطمة هي المعيل الوحيد لأطفالها، وكانت تعمل لتوفير احتياجاتهم الأساسية. ومع سيطرة الميليشيات على المنطقة، بدأت تواجه صعوبات كبيرة، وأصبحت فاطمة غير قادرة على دفع الضرائب بسبب قلة الموارد، وفي أحد الأيام، تعرضت للاختطاف من قبل الميليشيات أثناء عودتها من المحل و احتُجِزت لعدة أيام وتعرضت للعنف الجسدي والنفسي، بعد إطلاق سراحها، تعاني فاطمة من صدمة نفسية شديدة وتجد صعوبة في العودة إلى حياتها الطبيعية، تعيش فاطمة الآن في خوف دائم من تكرار هذه التجربة، وتحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي للتغلب على آثار هذه الصدمة.

اضطراب ما بعد الصدمة

في السياق، يقول أخصائي علم النفس في جامعة تعز الدكتور جمال النعمان ” لموقع الوعل اليمني” إن العنف الذي تتعرض له النساء في مناطق سيطرة الميليشيات له تأثيرات نفسية وجسدية كبيرة، حيث تعاني النساء من اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، كما يؤثر العنف على قدرتهن على المشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ويزيد من عزلهن وانطوائهن.

أسباب المشكلة

أما عن الأسباب فيقول النعمان: “تعود أسباب العنف ضد النساء في مناطق سيطرة الميليشيات إلى استخدام العنف وسيلة للترهيب والسيطرة، وانعدام القانون حيث في ظل غياب القانون والنظام، تصبح النساء عرضة للعنف والانتهاكات دون وجود حماية قانونية، وكذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة تزيد من تعرض النساء للعنف، حيث يضطررن للقبول بأوضاع غير آمنة لتأمين احتياجاتهن الأساسية”.

وأردف: “العنف ضد النساء في مناطق سيطرة الحوثيين يمثل تحديًا كبيرًا يتطلب تدخلات فعالة لحماية النساء وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهن. يجب أن تتضافر الجهود الدولية والمحلية لضمان توفير بيئة آمنة للنساء، حيث يمكنهن العيش بكرامة وأمان بعيدًا عن العنف والانتهاكات”.

Exit mobile version