شهدت الحدود السورية الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، اجتياز مئات الدروز الإسرائيليين السياج الحدودي، اليوم الأربعاء، وعبورهم إلى سوريا، في وقت زعم فيه جيش الاحتلال في بيان بالتصدي لمحاولة عشرات الأشخاص الدخول من سوريا إلى الأراضي المحتلة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنه رصد “عشرات المشتبه بهم” يحاولون التسلل من الأراضي السورية باتجاه منطقة قرية حضر قرب الجولان المحتل، مشيرا إلى أنه يعمل على “منع عملية التسلل وتفريق الحشود”.
كما أكد عبور عدد من المواطنين الإسرائيليين السياج الحدودي في منطقة مجدل شمس إلى داخل سوريا، مضيفا أن قواته تحاول إعادتهم “بسلام”.
يأتي ذلك بعدما أعلن رؤساء الطائفة الدرزية في إسرائيل إضراباً شاملاً وفورياً، وأيام غضب للضغط على دولة الاحتلال للتدخل في سورية، تحت ذريعة حماية الدروز هناك. كما أعلنوا التوجّه إلى هضبة الجولان السوري المحتل، على خلفية الأحداث في سوريا، بينما يستعد الجيش الإسرائيلي، لاستئناف مظاهرات الدروز على الحدود من خلال تعزيز قواته في المنطقة.
من جانبه، حرّض رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، دولة الاحتلال الإسرائيلي على مهاجمة سورية. وذكر في بيان، أنه “نظراً للمجزرة المستمرة في جبل الدروز في سورية، نقل رئيس الطائفة الدرزية رسالة إلى رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) ووزير الأمن (يسرائيل كاتس)، مفادها أن عليكم الاختيار بين الشراكة مع الطائفة الدرزية أو مع داعش. يجب ضرب النظام السوري وإجباره على الانسحاب من السويداء. هذه حرب وجودية للطائفة الدرزية. رئيس الوزراء ووزير الأمن تعهدا بأنهما سيتصرفان وسيلتزمان بكلمتهما. الوقت حرج، مسألة ساعات”.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية باندلاع أعمال شغب قرب السياج الأمني على الحدود مع سوريا، وسط أنباء عن عبور عشرات الدروز إلى الأراضي السورية، في تطور غير مسبوق في المنطقة التي تضم قرى درزية على طرفي الحدود.
وفي دمشق، أصدرت الرئاسة السورية بيانا قالت فيه إنها تتابع “باهتمام بالغ الانتهاكات المؤسفة” التي شهدتها محافظة السويداء، متعهدة بمحاسبة كل من يثبت تورطه، ومؤكدة التزام الدولة بإجراء تحقيقات شاملة في الأحداث.
وجاءت هذه التطورات بعد أن أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس أوامر بشن هجمات ضد مواقع للجيش السوري في السويداء، إلى جانب استهداف شحنات أسلحة أُدخلت مؤخرا إلى المحافظة.
ويأتي ذلك رغم طلب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إسرائيل وقف ضرباتها ضد القوات السورية في الجنوب، بحسب ما أفاد به موقع “أكسيوس” نقلا عن مسؤول أميركي مطّلع.
وبالتزامن، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، استهداف العاصمة السورية دمشق، تحت ذريعة أحداث السويداء. وجاء في بيان الجيش أنه “أغار قبل قليل على بوابة الدخول إلى مجمع الأركان العامة التابع للنظام السوري في منطقة دمشق. يواصل الجيش الإسرائيلي مراقبة التطورات والأعمال ضد المواطنين الدروز في سورية وبناء على توجيهات المستوى السياسي يهاجم في المنطقة ويبقى في حالة تأهب للسيناريوهات المختلفة”.
وصعّد كاتس من لهجة التهديد تجاه الحكومة السورية الأربعاء، معلنا أن الجيش الإسرائيلي سيكثف هجماته ضد القوات السورية في مناطق الدروز بمدينة السويداء ما لم تنسحب هذه القوات فورا.
وقال كاتس في بيان صادر عن مكتبه: “يجب على النظام السوري إطلاق سراح الدروز في السويداء وسحب قواته”، مضيفا أن “إسرائيل لن تتخلى عن الدروز في سوريا وستطبق سياسة نزع السلاح التي قررناها”.
وتابع “سنواصل مهاجمة قوات النظام حتى تنسحب من المنطقة، وسنرفع قريبا مستوى الرد إذا لم تُفهم الرسالة”.
ويأتي ذلك بعد أيام من اشتباكات دامية اندلعت في محافظة السويداء بين مجموعات درزية وقبائل بدوية، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، مما دفع الجيش السوري إلى التدخل وفرض وجود أمني مكثف في المدينة.
وردا على تحرك القوات الحكومية، شنت إسرائيل عدة غارات على مواقع للجيش السوري في السويداء، مؤكدة أنها تهدف لحماية الطائفة الدرزية، التي ترتبط بها بروابط اجتماعية وسياسية داخل إسرائيل.
بدوره، أعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، أمس الثلاثاء، عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد اجتماعات مع قادة محليين لم يُفصح عن هوياتهم، مشيرا إلى انتشار الشرطة العسكرية لضبط الأوضاع. إلا أن وزارة الدفاع السورية قالت الأربعاء إن “مجموعات خارجة عن القانون” استأنفت الهجمات، ما دفع القوات الحكومية إلى الرد، بحسب وكالة “سانا” الرسمية.
في السياق ذاته، أعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، عن قلق واشنطن من التطورات الأخيرة، مشيرا في منشور على منصة “إكس” إلى أن الولايات المتحدة “تعمل بنشاط مع جميع الأطراف لتحقيق الهدوء ومواصلة مناقشات التكامل البناءة”.
وأضاف أن المناوشات الأخيرة “مثيرة للقلق من جميع الأطراف”، داعيا إلى حلّ سلمي يشمل الدروز والقبائل البدوية والحكومة السورية وإسرائيل.
وقتل نحو 20 عنصراً من وزارتَي الدفاع والداخلية في سوريا، جرّاء القصف الإسرائيلي الذي استهدف أرتالاً وآليات لهم في محافظة السويداء جنوبي سورية، خلال الأيام الماضية، وفق ما أوضحت مصادر عسكرية لـ”العربي الجديد”، مؤكدة أن عمليات القصف استهدفت إلى جانب الآليات العسكرية تجمعات لقوى الأمن والجيش.
وقالت المصادر إنّ العدد الإجمالي حتى الآن لقتلى الوزارتَين منذ بدء العمليات العسكرية في المحافظة، في إطار الحملة الأمنية التي أطلقتها وزارة الدفاع لاحتواء أزمة الاقتتال بين العشائر البدوية والفصائل الدرزية المسلحة، بلغ 158 عنصراً، بالإضافة إلى عدد من الجرحى.
وتتواصل الاشتباكات داخل مدينة السويداء جنوبي سوريا، بين قوات الأمن التابعة للحكومة السورية ومسلحين من الفصائل المحلية، وسط تضارب الأنباء حول السيطرة الفعلية لكل طرف. يأتي هذا بعد يوم دامٍ، أمس الثلاثاء، شهدت فيه مدينة السويداء إعدامات ميدانية، وتحولت فيه شوارعها إلى ساحة حرب مفتوحة.