تقرير خاص
قبل عشرة أعوام انطلقت جحافل الحوثيين لتغزو المحافظات اليمنية وتحتل ثلث مساحة البلاد عام 2014، ومنذ ذلك الحين تواصل جماعة الحوثي الموالية لإيران نشر الموت والخراب وحصد أرواح الأبرياء لاسيما عن طريق الألغام والقنابل التي زرعوها في كل مكان.
ولا تتوفر إلى الآن أرقام دقيقة عن الألغام التي زرعها الحوثيين إلا أن التقديرات تشير إلى حوالي مليوني لغم على الرغم من استمرار العمل من قبل الحكومة والمنظمات الدولية لتطهير الأرض منها، إلا أن المهمة تبدو أكثر تعقيدا وصعوبة، خصوصا مع عدم التزام الحوثيين بالقوانين الإنسانية وقواعد الاشتباك التي تحمي حياة المدنيين.
القاتل الصامت
قال أحد ضحايا الالغام الذين التقيناهم، أنه خسر ساقه اليمنى بسبب لغم أرضي في أبريل ٢٠١٩ بينما كان ذاهبا للعمل في المزرعة التي يمتلكها، قال: “لم اشعر بشيء إلا وأنا في المستشفى وهناك أبلغوني أن ساقي بترت، منذ ذلك الوقت صارت حياتي صعبة للغاية وتدهورت أوضاعي لأني فقدت مصدر دخلي وكل ما أفعله طوال اليوم هو الجلوس في البيت”.
مباراة دامية
ونجا الطفل “أمير” ذو السبع سنوات من الموت بأعجوبة، إثر انفجار لغم مضاد للإفراد من مخلفات الميليشيا الحوثية لكن الإعاقة الجسدية سترافقه طوال حياته، يقول امير: “كنت اجري بأقصى سرعة للحاق بالأطفال الذاهبين للعب كرة القدم في القرية، لكنني لم أستطع اللحاق بهم، ولن أستطيع لعب كرة القدم التي أحبها طوال حياتي لأني أصبحت من ذوي الإعاقة، ولم يعرف أصدقائي بأني أصبت إلا في اليوم التالي، “
وأضاف أمير: ” لم أعد أستطيع أن أمسك أي شيء أو أرتدي ثيابي كما كنت أفعل إلا بمساعدة أهلي، أتمنى أن تنتهي هذه الحرب وأن أعود إلى ماكنت عليه، لو كنت أعلم لذهبت ذلك اليوم من طريق آخر ولعبت مع أصدقائي كرة القدم”.
قبل ان يختم كلامه بابتسامة محزنة قائلا “ذلك اليوم بعد ان صحوت من الغيبوبة، ابلغوني في المستشفى بان فريقي فاز، وبنتيجة كبيرة” .
ليسوا مجرد أرقام
في السياق، وثق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان سقوط أكثر مِن 1929 قتيلا مدنيا خلالِ ست سنوات، بينَهم 357 طِفلا، و146 امرأة، كما وثق إعاقة وتشويه أكثر مِن 2242 مدنيا، و519 طِفلا، و167 امرأة في الفترة ذاتها نتيجة الألغام التي زرعتها الميليشيات، ووفقا لمشروع رصد الأثر المدني التابع للأمم المتحدة، فقد قتل وأصيب ما يقارب 2500 مدنيا نتيجة انفجار ألغام الحوثيين في الفترة بين مطلع عام 2018 وأبريل 2023.
وبحسب تقرير منظمة “أنقذوا الأطفال” الحقوقية، فان طفلا واحدا يقتل او يصاب كل يومين في اليمن بسبب الألغام الأرضية، والعبوات الناسفة وغيرها.
أعمال الإزالة
الى ذلك، صرح مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية “مسام” بانه تمكن في الاسبوع الرابع من شهر أغسطس من العام الجاري من انتزاع 837 لغمًا في مختلف مناطق اليمن، منها 59 لغمًا مضادًّا للدبابات، و771 ذخيرة غير منفجرة، و5 عبوات ناسفة.
وقال المركز ان جهوده توزعت بين محافظات عدن (144) والحديدة(2) ومارب (653) وشبوة(8). وبذلك يكون عدد الألغام التي نزعت خلال شهر أغسطس إلى 3.366 لغمًا، وليصبح عدد الألغام المنزوعة منذ بداية مشروع “مسام” حتى الآن إلى 456 ألفًا و664 لغمًا زرعت بعشوائية في مختلف الأراضي اليمنية لحصد المزيد من الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن.