
غزة- الوعل اليمني
في مشهدٍ يعكس تداخل الكارثة الإنسانية مع آثار الحرب، عمّق المنخفض الجوي القطبي «بيرون» جراح قطاع غزة، كاشفًا هشاشة واقع النزوح القسري الذي يعيشه مئات آلاف الفلسطينيين منذ أكثر من عامين. أمطار غزيرة، رياح عاتية، وبرد قارس حوّل الخيام المهترئة والمنازل المتضررة إلى مصائد موت، وأضاف فصلاً جديدًا من المعاناة فوق ركام الدمار المتراكم.
حصيلة بشرية ثقيلة
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس، أن طواقم الدفاع المدني انتشلت جثامين 15 مواطنًا قضوا جراء انهيار مبانٍ متضررة سابقًا من القصف الإسرائيلي، فيما لا تزال الطواقم تواصل البحث عن مفقودين تحت الأنقاض. وفي وقت لاحق، أكدت وزارة الداخلية ارتفاع حصيلة الوفيات إلى 14 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء، مشيرة إلى أن ثلاثة أطفال لقوا حتفهم بسبب البرد القارس وتداعيات المنخفض الجوي.
وبحسب المعطيات الرسمية، فإن ما لا يقل عن 16 مبنى، كانت قد تضررت خلال الحرب، انهارت بفعل الأمطار الغزيرة وتشبع أساساتها بالمياه، في ظل لجوء عائلات للسكن فيها لغياب أي بدائل آمنة.
خيام بلا حماية
المنخفض «بيرون» لم يكتفِ بحصد الأرواح، بل ألحق أضرارًا واسعة ببيئة النزوح الهشة. وأفاد مدير المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، في مؤتمر صحفي أمام مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تضرر أكثر من ربع مليون نازح من أصل نحو مليون ونصف المليون يعيشون في خيام ومراكز إيواء بدائية تفتقر لأدنى مقومات الحماية.
وسُجّل تضرر ما يزيد على 53 ألف خيمة بين تلف كلي وجزئي، بينها أكثر من 27 ألف خيمة جرفتها السيول أو غرقت بمياه الأمطار في مختلف مناطق القطاع، ما أدى إلى فقدان الأغطية والمواد الأساسية داخلها، وتكبيد العائلات خسائر تفوق قدرتها في ظل غياب فرص العمل وشح المساعدات.

خسائر واسعة النطاق
قدّرت الجهات الحكومية الخسائر المادية المباشرة للمنخفض بنحو أربعة ملايين دولار، توزعت على قطاعات عدة. فقد تسببت الأمطار بانجراف مئات الشوارع الترابية والطرق المؤقتة داخل محافظات القطاع، كما تعطلت خطوط نقل مياه مؤقتة، واختلطت المياه النظيفة بالطين، ما فاقم المخاطر الصحية.
وفي قطاع المياه والصرف الصحي، حذّرت الجهات المختصة من مخاطر تلوث وانتشار الأمراض نتيجة انهيار حفر امتصاص بدائية أقامها النازحون في مناطق مكتظة. كما طالت الأضرار عشرات الدفيئات الزراعية التي تمثل مصدر رزق لآلاف العائلات، إضافة إلى تضرر نقاط طبية متنقلة وفقدان أدوية ومستلزمات صحية أساسية.
سياسات تفاقم المأساة
حمّل المكتب الإعلامي الحكومي الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تفاقم الكارثة، مؤكدًا أن المنخفض كشف بوضوح نتائج سياسات الإغلاق ومنع إدخال مستلزمات الإيواء. وأشار إلى أن الاحتلال يعرقل إدخال نحو 300 ألف خيمة وبيت متنقل وكرفان، ويمنع إنشاء ملاجئ آمنة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ما يعرّض المدنيين، خصوصًا النساء والأطفال وكبار السن، لمخاطر يمكن تفاديها.
ورغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي يتضمن بروتوكولًا إنسانيًا لإدخال مستلزمات الشتاء، تؤكد الجهات الرسمية أن القيود الإسرائيلية ما تزال تحول دون دخول المساعدات اللازمة.
مطالبات إنسانية عاجلة
في خضم هذه التطورات، تصاعدت المطالبات الشعبية والرسمية بضرورة التحرك الدولي العاجل. ودعت الجهات الحكومية والأهلية الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية والوسطاء والجهات الضامنة للاتفاق إلى الضغط الفوري لفتح المعابر دون قيود، وإدخال مواد الإيواء والبيوت المتنقلة ومستلزمات الطوارئ، بما يضمن حماية حقيقية لمئات آلاف النازحين.
وبين الخيام الممزقة والمنازل المهددة بالانهيار، يواجه الفلسطينيون شتاءً قاسيًا بخيارات كلها مؤلمة، في قطاع أنهكته حرب إبادة خلّفت أكثر من 70 ألف شهيد، وما يزيد على 171 ألف جريح، ودمارًا طال نحو 90% من البنى التحتية المدنية. ومع كل منخفض جديد، تتجدد المخاوف من أن تتحول الأمطار إلى كارثة متكررة، ما لم يُتدارك الواقع قبل فوات الأوان.

هجوم جوي بمسيرات يخرج الشبكة القومية للكهرباء في السودان عن الخدمة بالكامل
“الأسد” يعود لطب العيون في موسكو وسط سخرية واسعة
ترامب: استعدنا هيبة أمريكا ونحن على أعتاب العصر الذهبي
رغم إعلان وقف إطلاق النار.. 39 قتيلًا في اشتباكات كمبوديا وتايلاند منذ 7 ديسمبر