تعيش جماعة الحوثي المدعومة من إيران حالة من الارتباك السياسي والانقسام الداخلي في صنعاء، منذ الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة اليمنية أواخر أغسطس الماضي، وأسفرت عن مقتل رئيس ما يسمى “حكومة الإنقاذ” أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه، بينهم شخصيات بارزة في وزارات الخارجية والإعلام والاقتصاد والعدل، في ضربة وُصفت بأنها الأعنف منذ اندلاع الحرب عام 2014.
ورغم مرور أكثر من شهرين على الحادثة، لم تتمكن الجماعة من تشكيل حكومة بديلة أو حتى الإعلان عن أسماء المرشحين لشغل الحقائب الوزارية الشاغرة، ما يعكس أزمة هيكلية عميقة داخل بنيتها القيادية، تتجاوز الخلافات الإدارية لتصل إلى مستويات من فقدان الثقة، والخوف من الاختراقات الأمنية، وصراعات النفوذ بين أجنحتها المختلفة.
في محاولة للحفاظ على واجهة سياسية أمام أنصارها، أعلنت الجماعة تعيين محمد مفتاح قائمًا بأعمال رئيس الوزراء بعد يومين من الغارة، مع وعود بتشكيل حكومة جديدة خلال أيام، إلا أن هذه الوعود لم تُنفذ، لتتضح حقيقة أن السلطة الفعلية لا تزال بيد شبكة المشرفين الحوثيين المرتبطين مباشرة بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في ظل غياب أي مؤسسات تنفيذية حقيقية.
مصادر سياسية في صنعاء أكدت أن الجماعة تواجه صعوبة بالغة في إيجاد شخصيات “مقبولة” لتولي المناصب، سواء من داخل العاصمة أو من المناطق الجنوبية، التي تسعى الجماعة إلى تمثيلها شكليًا لإضفاء طابع جغرافي متوازن. إلا أن العزوف المتزايد من النخب، خصوصًا من حزب المؤتمر الشعبي العام — الشريك السياسي الشكلي للحوثيين — جعل هذه المهمة شبه مستحيلة، خاصة بعد سلسلة من الاعتقالات والإقامات الجبرية التي طالت قيادات بارزة في الحزب.
وتشير المعطيات إلى وجود خلافات حادة داخل الصف القيادي الأول، بين الجناح الأمني المقرب من عبد الملك الحوثي، والجناح السياسي المرتبط بالمؤتمر، إضافة إلى صراعات داخلية بين قيادات مثل مهدي المشاط ومحمد علي الحوثي. وقد زادت الغارة الإسرائيلية من حالة الارتياب والخوف من التجسس، بعد أن كشفت عن قدرة استخباراتية دقيقة في رصد مواقع القيادة العليا.
وبحسب مصادر محلية، فإن الاجتماعات القيادية باتت نادرة وتُعقد تحت إجراءات أمنية مشددة، ما جعل عملية التشاور حول تشكيل الحكومة شبه مشلولة، في ظل تجنب بعض القيادات التنقل أو عقد اللقاءات خشية الاستهداف.
ويرى مراقبون أن أي حكومة قد تُعلن عنها الجماعة في المستقبل لن تكون سوى واجهة شكلية تهدف إلى الحفاظ على تماسك قواعدها، وإيهام المجتمع الدولي بوجود مؤسسات فاعلة، وتغطية فشلها في إدارة الملفات الاقتصادية والخدمية، في وقت تتفاقم فيه الأزمات المعيشية.
وبعد فقدان نصف واجهتها السياسية، تبدو جماعة الحوثي وكأنها تسير نحو مزيد من العزلة الداخلية والتفكك التنظيمي، في واحدة من أخطر مراحل وجودها منذ سيطرتها على صنعاء عام 2014، فيما تبقى سلطتها مرتهنة بالكامل لمشروعها العقائدي وارتباطها بطهران، لا لمؤسسات الدولة أو إرادة الشعب.

الحوثيون يعتقلون الموظفة الأممية حنان الشيباني بعد أيام من فقدان جنينها في ولادة مبكرة
من “شركاء” إلى “جواسيس”.. مليشيات الحوثي تكتب الفصل الأخير للعمل الإنساني في صنعاء
انشقاق قيادي حوثي من جبهة الساحل الغربي ووصوله إلى قوات العمالقة
هروب جماعي من سجن بيحان في شبوة.. والعدد غير معروف حتى الآن