استكمالا لمخطط ابتلاع اليمن، تقوم إيران منذ بداية سريان الهدنة باستقبال وتدريب دفعات متتالية من ضباط وزارة الداخلية قادمين عبر مطار صنعاء في رحلات منتظمة تحمل ضباطا وتعود بآخرين من الذين تم غسيل عقولهم على أيدي خبراء وضباط الحرس الثوري الإيراني المدرج في قائمة الإرهاب.
البداية بين صعدة وطهران:
تمتد علاقة الحوثيين بإيران منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وبالتحديد عام 1985 بعد بضع سنوات على قيام الثورة الإيرانية، عندما سافر بدر الدين الحوثي الى مدينة قم الإيرانية واتخذها منطلقا لتحقيق حلمه وهو اعادة حكم الائمة وبدء بإرسال واستقبال الشباب من محافظة صعدة، بعد تدريبهم وتأهيلهم فكرياً وعسكرياً واستخباراتياً.
وفي عام 1988 وصل إلى طهران شابان متحمسان لأحياء الإمامة وإنشاء تنظيم مسلح وهما محمد عزان أمين عام منتدى الشباب المؤمن، ونائبه عبد الكريم جدبان، والتقى هذان الاثنين بالمرشد الإيراني علي الخميني وعلي خامنئي معا، وعادا مرة اخرى في عام 1990 رفقة شخصيتين جديدتين هما محمد مفتاح والمرتضى بن زيد المحطوري ليتم بعدها تأسيس “حزب الحق” الذي ضم وقتها حسين بدر الدين الحوثي وأدخله مجلس النواب ومعه رفيقه عبد الله الرزامي كممثلين لحزب الحق عن محافظة صعدة.
وفي 1994، عاد بدر الدين الحوثي إلى إيران وحين عاد أرسل المئات من صغار السن إلى طهران وبيروت وهناك تلقى اولئك اليافعين تدريبات عسكرية واستخباراتية وقتالية وتربية دينية وخاضوا دورات مكثفة في الإعلام والاتصالات وصناعة وزراعة الالغام.
ولاء مطلق للنظام الإيراني:
ورغم محاولات الحوثي العديدة نفي عمالته لطهران، تثبت الشواهد والوقائع بأن عبدالملك الحوثي وأنصاره قد فاقوا في عمالتهم وطاعتهم للمرشد الإيراني، بعض الميليشيات الشيعية في المنطقة بما فيها حزب الله اللبناني نفسه، حيث يصر الحوثي على جعل مصير اليمن بالكامل رهن أوامر الإيرانيين، وفي الشهور الأخيرة استغل الحوثي إعلان وقف إطلاق النار وفتح مطار صنعاء وبدء بأرسال مجاميع من الضباط التابعين للداخلية على وجه الخصوص، إلى العاصمة الإيرانية لإخضاعهم لدورات مكثفة تمتد أحيانا لأكثر من عام، بغرض إنشاء جهاز استخباراتي حديدي شبيه بالمخابرات الإيرانية لإحكام السيطرة على قلب اليمن وعاصمته التاريخية.
رحلات منتظمة من صنعاء:
وخلافا للفترة السابقة، لم تعد تلك الرحلات مضطرة للتمويه على إنها رحلات “علاجية ” بل اصبحت تسير بوضوح تحت مسمى ” رحلات تدريبية”، مصادر من داخل وزارة الداخلية، أكدت في تصريحات حصرية أن تلك الرحلات تسير بنحو ثلاث رحلات في الشهر منذ ديسمبر ٢٠٢٢ وكل رحلة تحمل عدد خمسة إلى خمسة عشر ضابطا وصف ضابط من وزارة الداخلية والنجدة والأمن الوقائي والمخابرات والبحث الجنائي، ومن أبرز القيادات الحوثية الأمنية التي سافرت إلى إيران نجل مؤسس جماعة الحوثي حسين الحوثي المنتحل صفة قائد شرطة النجدة ومنتحل صفة وزير الداخلية عبدالكريم الحوثي عم زعيم الجماعة، وعبدالكريم الخيواني ويوسف المداني صهر الحوثي ويوسف الفيشي وإبراهيم المؤيد قائد حراسة زعيم الانقلابين “عبدالملك الحوثي” وشقيقه الأكبر محمد بدر الدين الحوثي وعضو لجنة المفاوضات التابعة للحوثيين “يحيى عبدالله الرزامي”.
زيارة للحوزات الشيعية:
وذكرت تلك المصادر” لموقع الوعل”، أن غالبية الضباط الذي يتم ارسالهم لإيران هم من “السلالة الهاشمية” المخلصين للحوثي ومضموني الولاء بشكل تام، في حين يواجه الضباط من خارج تلك السلالة إجراءات “تعسفية” بهدف التضييق عليهم ودفعهم لترك الخدمة.
وأضافت: بأن ضباط “السلالة” بعد انتهاء دورتهم التدريبية يقومون بزيارة الأماكن الشيعية المقدسة في إيران والعراق مثل “قم والنجف وكربلاء” ويؤدون إمام الأضرحة طقوسا وتراتيل تتماشى مع طقوس الشيعة هناك ما يطرح العديد من التساؤلات خصوصا في ظل انكار الحوثيين انتمائهم للطائفة الأثنى عشرية واصرارهم بأنهم زيود.
تنسيق استخباراتي:
ويتوافق ما قالته تلك المصادر مع أنباء أوردتها وكالة ” خبر” قبل ايام عن قيام قيادات حوثية بينهم نجل حسين الحوثي بزيارة إيران عبر مطار الأردن بتسهيل وتنسيق من مخابرات أجنبية، وقالت الوكالة نقلا عن مصادرها: إن قيادات حوثية بارزة من بينهم القيادي عزيز الجرادي وعلي حسين الحوثي المدعو علي حسين الحوثي، زاروا طهران خلال الفترة الماضية.
والتقوا أثناء تواجدهم في العاصمة الأردنية عمان بعدد من ضباط مخابرات أجنبية وعربية الذين سهلوا تحركاتهم وتنقلاتهم إلى طهران، وأكدت “خبر” أن عشرات القيادات الحوثية تزور طهران بشكل مستمر لتلقي التدريبات وحضور دورات قتالية ودورات متخصصة في مجال الاتصالات والتقنية.
واستمات الحوثيون منذ بداية ظهورهم على انكار تبعيتهم لإيران والادعاء بانهم مجرد فصيل يمني يعاني من المظلومية، ولكن استماتتهم تلاشت في الفترة الأخيرة بعد ظهور الأدلة الواضحة التي تثبت ولائهم المطلق لإيران، وصار بعض قيادات الحوثي يفاخرون بتبعيتهم لإيران في تحدي سافر للشعب اليمني والشعوب العربية بشكل عام.