“الدعم السريع” يهاجم مدينة الأبيض ونزوح متزايد للسكان

في تطور يعكس اتساع رقعة الصراع في السودان، استهدفت قوات الدعم السريع، اليوم الإثنين، بمسيرة مواقع مأهولة بالسكان في مدينة الأبيض، حاضرة ولاية شمال كردفان وسط البلاد.

هذا الاستهداف، الذي أكدته مصادر عسكرية للجزيرة نت، يأتي بعد فترات متقطعة من القتال والهجمات الجوية التي شهدتها المدينة خلال الأسابيع الماضية، بما في ذلك هجوم سابق بسرب من المسيرات الانتحارية أطلقته قوات الدعم السريع في مطلع الشهر الجاري.

وتُعد الأبيض موقعاً استراتيجياً حيوياً لمحور الحركة بين شمال وجنوب السودان، وقد تعرضت لمحاولات حصار من الدعم السريع كان قد كسرها الجيش السوداني بداية العام، مما يؤكد سعي قوات الدعم السريع لاستعادة زمام المبادرة في ولايات كردفان.

تتزامن هذه الهجمات على الأبيض مع استمرار موجات النزوح من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تشهد معارك مستمرة وحصاراً تفرضه قوات الدعم السريع منذ مايو 2024.

وتشير التقارير إلى نزوح مئات العائلات مؤخراً من الفاشر، في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية. وقد أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن 1730 شخصاً في ولايتي شمال كردفان وشمال دارفور نزحوا جراء تفاقم انعدام الأمن واستمرار الاشتباكات.

ويأتي هذا النزوح الجديد ليضاف إلى إحصاءات الأمم المتحدة التي تقدر أن الصراع في السودان، المستمر منذ أبريل 2023، قد أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص ليخلق أسوأ أزمة جوع ونزوح في العالم.

وتواجه مدينة الفاشر، التي تُعد المركز الأساسي للعمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس، وضعاً إنسانياً كارثياً، حيث يُحاصر ما يقدر بنحو 300 ألف نسمة في المدينة، ويعانون من انعدام شبه كامل للخدمات الأساسية والغذاء، ما يهدد بوقوع مجاعة.

وقد أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن المدنيين يواجهون مخاطر جسيمة تتعلق بالحماية، بما في ذلك العنف الجنسي والتجنيد القسري، مؤكداً عدم وجود ممرات آمنة للمدنيين للمغادرة، وأن طرق النزوح المتبقية خطيرة وغير آمنة.

كما أفادت تقارير سابقة للجزيرة نت بوفاة 63 شخصاً، أغلبهم نساء وأطفال، بسبب سوء التغذية الحاد في الفاشر خلال أسبوع واحد في شهر أغسطس، في ظل توقف المساعدات والمطابخ الخيرية، وتدهور القطاع الصحي.

في المقابل، يشدد الجيش السوداني على صده للهجمات المتكررة التي تشنها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر من عدة محاور، مدعياً تكبيد القوات المهاجمة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وفق ما ذكرته مصادر في الفرقة السادسة مشاة.

كما أعلنت قوات الدعم السريع، في بياناتها، تحقيق انتصارات وسحق متحركات للجيش السوداني في مناطق غربي الأبيض، مما يشير إلى أن المعارك في كلتا المنطقتين الاستراتيجيتين هي جزء من صراع محوري بين الطرفين للسيطرة على وسط وغرب البلاد.

في ظل هذه التطورات الميدانية المتصاعدة، يبقى مصير مئات الآلاف من المدنيين في الأبيض والفاشر معلقاً بين نيران الطرفين المتحاربين، وسط صمت دولي لا يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية التي تتفاقم يومياً.

Exit mobile version