في وقت أكدت مصادر عسكرية أن قوات الجيش السوداني وحلفاؤه بدأت بالتقدم لفتح الطريق القومي بين مدينتَي الأبيّض والدلنج بشمال وجنوب كردفان، شنّت قوات “الدعم السريع” وحليفتها “الحركة الشعبية – شمال”، أمس الأحد قصفاً مدفعياً ومسيّراً عنيفاً على العاصمة الولائية كادوقلي، فيما هاجمت مسيّرة مدينة الدلنج القريبة منها في جنوب كردفان.
وأفادت مصادر ميدانية بأن قصف كادوقلي بدأ منذ الصباح الباكر وتركز على الأحياء الشرقية للمدينة، متسبباً بحالة ذعر وهلع كبيرين وسط السكان وأدى إلى التزامهم منازلهم. وسقطت أكثر من 5 قذائف في أجزاء متفرقة من المدينة من دون وقوع إصابات بين المواطنين.
ووفق المصادر هاجمت طائرة مسيرة لـ “الدعم السريع” أمس الأحد، مستشفى السلاح الطبي بمدينة الدلنج مقر اللواء 54 مشاة التابع للجيش، وسط انقطاع واسع للاتصالات وخدمة الإنترنت التي توفرها أجهزة الإنترنت الفضائي “ستارلينك” داخل المدينة.
وأعلنت “شبكة أطباء السودان” عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 17 آخرين بينهم كادر طبي جراء القصف المدفعي المتعمد من قبل “الدعم السريع” على مستشفى الدلنج العسكري ومواقع أخرى في المدينة أمس، من بينها منطقتي الكرول والسماسم، جنوب الدلنج.
ودانت الشبكة في بيان ما وصفته بالانتهاك الصارخٍ للقانون الدولي الإنساني الذي يجرّم استهداف المرافق الصحية والمدنيين، محملةً قيادة “الدعم السريع” كامل المسؤولية عن الاستهداف الممنهج للمؤسسات الصحية والعاملين فيها، وتداعياته الإنسانية والصحية الخطيرة.
وطالبت الشبكة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالتحرك العاجل لحماية المدنيين والمرافق الطبية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق ورفع الحصار عن ولاية جنوب كردفان. كذلك طالبت بممارسة مزيد من الضغط على قيادات “الدعم السريع” المسؤولة عن هذه الانتهاكات المتعمدة.
تفاقم إنساني
وتعيش مدينتا كادوقلي والدلنج وضعاً إنسانياً وأمنياً متفاقماً نتيجة الحصار الذي تفرضه “الدعم السريع” وقوات “الحركة الشعبية – شمال” بقيادة عبد العزيز الحلو المتحالفة معها، وسط الاشتباكات والقصف المتبادل بين الجانبين، إلى جانب انقطاع الاتصالات وانعدام السيولة النقدية بشكل شبه كامل.
وأعلنت “الحركة الشعبية – شمال”، نزوح نحو 11 ألف شخص من كادوقلي إلى مناطق سيطرتها، نتيجة تصعيد الهجمات على المدينة.
وأكد بيان الحركة أن النازحين يفرون منذ أشهر الحرب الأولى هرباً من الحصار والهجمات المدفعية والمسيرة، وتفشي المجاعة في كادوقلي، منوهةً بأن سيطرتها على مدينتي كادوقلي والدلنج أصبحت “مسألة وقت لا أكثر”.
ومنذ أشهر تتصاعد حدة التوتر والمواجهات العسكرية في ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، حيث حشد الطرفان قوات كبيرة تنذر بتصعيد متواصل للأوضاع العسكرية، أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان من مناطق الاشتباكات وسط تفاقم متنامٍ للأوضاع الإنسانية.
وبحسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية فقد نزح نحو 185 شخصاً حتى الثلاثاء الماضي، وارتفع إجمالي النازحين إلى آلاف عدة في أسابيع معدودة، توجهوا نحو مناطق “أبو زبد” بغرب كردفان ومحلية شيكان في شمال كردفان.
استهداف الشاحنات
وفي شمال كردفان كثفت “الدعم السريع” خلال الأيام الماضية استهدافها بالمسيرات حركة الشاحنات والسلع والبضائع على طريق “أم روابة- الرهد- الأُبيض”، الرابط بين مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، وولاية النيل الأبيض.
واستهدفت طائرات مسيّرة لـ”الدعم السريع” أمس الأحد للمرة الرابعة خلال الأيام الثلاثة الماضية، 4 شاحنات نقل في منطقتي جبل أبو سنون والدقاق، 10 كيلومترات شرق مدينة الرهد بولاية شمال كردفان. كذلك خطفت قبل نحو أسبوع شاحنة أخرى في منطقة أم البدري، أثناء توجهها إلى مدينة الأبيض واقتادتها إلى نيالا بولاية جنوب دارفور، بحسب مصادر محلية.
وأوضحت المصادر، أن “الدعم السريع” تسعى من خلال خطف ونهب الشاحنات المحملة بالمنتجات الزراعية والسلع والبضائع، إلى شل الحركة التجارية لتشديد الحصار على مدينة الأبيّض بوقف تدفقها إلى المدينة التي باتت مركزاً للسيطرة وقيادة العمليات للجيش السوداني و”القوات المشتركة”.
وقال مزارعون إنهم اضطروا إلى التوقف عن الإنتاج الزراعي لغياب التسويق وعدم جدواه، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وكانت قوات الجيش والمشتركة قد استأنفت عمليات تمشيط الطريق القومي الرابط بين النيل الأبيض وشمال كردفان كخط دفاع متقدم لتأمين مدينة الأبيض، بينما تعمل على التوغل نحو مناطق أبو قعود وأم صميمة غرب المدينة، كذلك شن الطيران الحربي للجيش أمس غارات جوية مكثفة على مواقع تمركزات “الدعم السريع” في جبرة الشيخ بشمال كردفان.
توالي الإدانات
إلى ذلك، توالت الإدانات المنددة بالهجوم المسير الذي استهدف القاعدة اللوجستية الأممية لبعثة الأمم المتحدة في كادوقلي وأدى إلى مقتل 6 جنود من كتيبة قوات حفظ السلام البنغلادشية التابعة للأمم المتحدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن “هذه الهجمات المروعة وغير المبررة، قد ترقى إلى جرائم حرب، ولا بد من محاسبة المسؤولين عنها.
ودانت كل من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والمملكة العربية السعودية وقطر الهجوم الذي استهدف مقر بعثة الأمم المتحدة بولاية جنوب كردفان”.
كذلك دان رئيس وزراء بنغلاديش، محمد يونس، الهجوم معرباً عن حزنه العميق ووقوف حكومته إلى جانب أسر الضحايا، مطالباً الأمم المتحدة بتقديم الدعم الطارئ لكتيبة بلاده المشاركة في البعثة.
وفي معرض إدانته للهجوم، وصف كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الاعتداء على قاعدة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كادوقلي بالسودان، بأنه “استهتار صارخ بالجهود الدولية التي تستهدف حماية السلام والأمن”.
ودعا بولس، في منشور على منصة “إكس”، أمس، الأطراف المتحاربة لوقف غير مشروط للأعمال العدائية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق.
ونفت “الدعم السريع” اتهام مجلس السيادة الانتقالي السوداني لها باستهداف مقر بعثة الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي، مؤكدةً عدم تورطها في استهداف المنشآت أو البعثات الدولية.
محادثات نفطية
دبلوماسياً وصل إلى العاصمة الإدارية بورتسودان أمس وفد من جمهورية جنوب السودان، برئاسة مستشار الرئيس سلفاكير ميارديت، للشؤون الأمنية، توت قلواك.
وسلم الوفد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، رسالة خطية من الرئيس ميارديت، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات.
وأوضح وكيل وزارة الخارجية، معاوية عثمان خالد، أن “اللقاء تناول الوشائج التي تربط بين شعبي البلدين”، مبيناً أن “رئيس المجلس السيادي وجّه كافة أجهزة الدولة على المستويات الوزارية والفنية للانخراط مع نظرائهم في دولة جنوب السودان لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في مجال القطاعات الحيوية المتمثلة في قطاعات الطاقة والنفط والتجارة والاقتصاد بجانب العلاقات السياسية بين البلدين”.
أزمة هجليج
من جانبه، أوضح وزير خارجية دولة جنوب السودان، ماندي سيمايا، أن اللقاء بحث قضايا صناعة النفط والتجارة والاستثمار، واتفق الجانبان على ضرورة انخراط وفود البلدين في اجتماعات ثنائية وفنية لمعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ومن المنتظر أن يعقد الوفدان اليوم الإثنين سلسلة اجتماعات ومحادثات لمناقشة قضايا الأمن والنفط، بين البلدين، لبحث حلول الأزمة التي نشبت عقب سيطرة “الدعم السريع” على أكبر حقول النفط في هجليج.
وانتشرت قوات من جيش جنوب السودان الأسبوع الماضي، داخل حقل هجليج النفطي عقب سيطرة “الدعم السريع” عليه وذلك بناءً على اتفاق ثلاثي بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان الفريق البرهان، ورئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، وقائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بتحييد هجليج، وتفادي وقوع الحرائق في آبار النفط، والسماح بانتشار قوات الجيش الشعبي في تلك المنطقة، وفق وزير إعلام جوبا، أتينغ ويك أتينغ.
انهيار الجنيه
اقتصادياً يواصل الجنيه السوداني انخفاضه أمام العملات الأجنبية، في تعاملات أمس الأحد حيث وصل سعر الدولار بالسوق الموازي إلى 3700 جنيه للبيع و3650 للشراء، بينما بلغ سعر الريال السعودي 925 جنيهاً سودانياً.
وعزا تجار عملة بالسوق الموازية، الانخفاض المستمر في قيمة الجنيه السوداني إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية، بخاصة الدولار والريال، في ظل ندرة المعروض منها. كذلك دفع عدم استقرار قيمة الجنيه معظم السودانيين إلى تفضيل شراء العملات الأجنبية للحفاظ على أموالهم، في ظل استمرار تدهور العملة الوطنية.
ورجّح التجار أن يؤدي توقف نفط جنوب السودان عقب سقوط حقل هجليج النفطي بيد “الدعم السريع” إلى مزيد من الارتفاع في قيمة الدولار وتدني سعر الجنيه السوداني، في ظل غياب أي معالجات أو حلول عاجلة من جانب الحكومة، قد تدفع بسعر الدولار للوصول إلى تجاوز حاجز 4000 جنيه في وقت قريب.
وكشف البنك الدولي في أحدث تقاريره عن انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة إضافية بلغت 13.5 في المئة خلال عام 2024، بعد أن كان قد تقلص بنحو الثلث في العام الذي سبقه.
وتوقع التقرير أن تصل نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 71 في المئة في ظل استمرار الحرب.
وكان آخر سعر صرف للجنيه مقابل الدولار قبل نشوب الحرب بين الجيش و”الدعم السريع” منتصف أبريل (نيسان) 2023، يعادل 570 جنيهاً فقط.
العودة الطوعية
من جهة أخرى، وضمن المرحلة الثانية من مشروع العودة الطوعية المجانية للسودانيين، وصل إلى محطة السد العالي بأسوان أمس الأحد، 1150 من المواطنين السودانيين العائدين من جمهورية مصر العربية إلى بلادهم.
وتحرك أمس من محطة رمسيس بالقاهرة القطار رقم 39، تحت إشراف اللجنة التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية بالتنسيق مع وزارة النقل وسكك حديد مصر.
وتتبنى منظومة الصناعات الدفاعية السودانية تنفيذ وتمويل مشروع العودة الطوعية الذي بدأت مرحلته الأولى في أبريل (نيسان) الماضي.

هجوم جوي بمسيرات يخرج الشبكة القومية للكهرباء في السودان عن الخدمة بالكامل
“الأسد” يعود لطب العيون في موسكو وسط سخرية واسعة
ترامب: استعدنا هيبة أمريكا ونحن على أعتاب العصر الذهبي
رغم إعلان وقف إطلاق النار.. 39 قتيلًا في اشتباكات كمبوديا وتايلاند منذ 7 ديسمبر