
في إطار استمرار سياستها التخريبية، تعتمد مليشيا الحوثي على استخدام أدوات العنف لتحقيق أهدافها، وتستمر في مضاعفة أعداد المدنيين المسلحين من موظفي الدولة، حيث يُستخدم السلاح كجزء لا يتجزأ من هويتهم وثقافتهم.
تعتمد مليشيا الحوثي على برامج فكرية متطرِّفة تهدف إلى نشر وتسويق أفكارها، وتستخدم أساليب دعائية تحريضية تهدف إلى تحفيز الأفراد على استخدام الأسلحة الشخصية، من خلال إقناعهم بأن هناك مخاطر جمَّة تحيط بهم.
في سياق ذلك، استهدفت المليشيا موظّفي الجهات الحكومية الإيرادية في صنعاء، حيث حوَّلت مؤسساتهم إلى سوقٍ للسلاح المصنوع محليًا.
يُستغل موظفو هذه المؤسسات ماديًا، من قِبل مليشيا الحوثي، حيث يُجبرون على شراء السلاح من مستحقاتهم، والخضوع لدورات تدريب عسكرية، ممَّا يجعلهم مقاتلين في وقت الحاجة لمعارك الجماعة الحوثية.
– نظام البيع
لم تركِّز خطة التسويق الحوثية على جميع موظَّفي المؤسسات المدنيَّة الرّسمية، بل اقتصرت على أهم الدّوائر الإيرادية؛ نظراً لاستمرار انتظام عملية صرف مرتباتهم شهرياً، إذْ قدّمت التسهيلات لشراء الأسلحة الشخصية وذخيرتها.
يقول عدد من موظّفي فروع المؤسسة العامة للاتصالات لموقع “بلقيس”: “كنا مضطرين إلى التقديم؛ وذلك للحصول على سُلفة نقدية نغطِّي بها بعض المتطلبات”.
ويضيفون: “تم الاعتذار من الجهة، وعرضوا علينا شراء كلاشينكوف صنع محلي، وسيكون البيع لنا بالتقسيط من الرّاتب الشهري، أقنعونا واشترى كل واحد منَّا قِطعة سلاح”.
يصل سعر القطعة الواحدة إلى 700 ألف ريال (ما يعادل 1350 دولاراً سعر الصرف في المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية).
يقول مصدر في إدارة الموارد البشرية بمؤسسة الاتصالات في صنعاء (فضّل عدم ذِكر اسمه)، لموقع “بلقيس”: “تأتي إلينا توجيهات، ضمن الوثائق الموقَّعة مع الموظّف، الذي يريد شراء سلاح، من شأن خصم أقساط شهرية بحسب القيمة التي تم الاتفاق عليها مع سماسرة البيع”، مشيرا إلى أن “القسط الواحد بـ20 ألف ريال عن كل شهر”.
وبدلاً من العمل على توفير حلول نقدية عاجلة للموظّف تمكّنه من مواجهة بعض الالتزامات، تسعى المليشيا إلى استنزافه مالياً، واستغلال راتبه، وتحويله إلى مشروع مقاتل أثناء الحاجة إليه في معاركها.
– إستراتيجية دخيلة
هناك جملة من الأهداف تسعى إليها مليشيا الحوثي من خلال هذه الإستراتيجية الدّخيلة وغير القانونية (في لوائح عمل المؤسسات الرَّسمية المدنية)، حيث تسعى جاهدة إلى تغيير خارطة قِيم ومبادِئ الموظف اليمني المدني.
يقول الباحث الاجتماعي محمد عبد الرحمن، لموقع “بلقيس”: “الحوثي له عدّة أهداف من هذه السياسة، من ضمنها استغلال راتب الموظف، ونشر العنف والفوضى، وتحويل السلاح كحق في إطار مشروعه، وتعميمه كسلوك يومي لتدمير الحياة العامة، ومحاولة إبراز صناعته العسكرية المحلية، وترويج أساليبه الخارقة في محاربة أعدائه”.
ويضيف: “هذا المسار، الذي تتَّبعه الجماعة، غير أخلاقي، والقانون يمنع الموظف من استخدام السلاح، هذا سلوك خطير، وقروض مرفوضة”.
ويتابع: “كانت الأقساط سابقاً من أجل حصول الموظف على وسائل حياة كريمة، لا شراء سلاح للقتال والموت”.
من جهته؛ يقول خليل العريقي (مراجع حسابات مالية في شركة النفط)، لموقع “بلقيس”: “نعرف أن الأقساط الشهرية كانت تُخصم من راتب الموظف سابقاً؛ لأنه حصل على قرض من جهة عمله أوقات الحاجة، مثل المناسبات أو الحوادث، كشراء ملابس لأسرته، وشراء أغراض منزلية، أو أي شيء يستفيد منه”.
تشجِّع مليشيا الحوثي على تسليح المجتمع بكافة فئاته؛ لنشر الفوضى، وترويج سلوك العنف، ومضاعفة مكاسبها الرِّبحية، وتوسيع نماذج بديلة لبثِّ الكراهية، التي من شأنها تثبيت مشروعها السلالي، وإحكام السيطرة على المجتمع بمسارات دخيلة.
تأتي إستراتيجية انتشار أسواق السلاح في سياق توسيع الاقتتال، وتقويض كوادر الدّولة، التي يستند عليها المشروع الطائفي للمليشيا.
– خبراء إيرانيون
يقول أحمد اللوزي (خبير عسكري سابق)، لموقع “بلقيس”: “الحوثيون نهبوا ترسانة ضخمة من أسلحة الجيش، ويعتمدون على خبراء إيرانيين لتطويرها، ولديهم وِرَش محلية لتجميع بعض القِطع، مثل المسدسات، أو الكلاشينكوف، وهي ذات جودة رديئة وغير عملية، لكنهم يبيعونها للمواطنين، أو للموظفين”، مؤكدا أن “الموضوع تجاري بالنسبة لقيادات الجماعة”.
وتواجه أسلحة الحوثي المحلية مشاكل مختلفة أثناء استخدامها، وتحديداً بعد إطلاق 45 رصاصة بشكل متتابع، إذْ تتعطل أجزاء منها، إضافةً إلى ارتفاع حرارتها بصورة مُفرطة؛ نظراً لرداءة جودة المواد التي تُصنع منها.
تتّسع رِقعة الفَقر في أوساط اليمنيين، حيث تُنفق مليشيا الحوثي أموالاً هائلة على ما تسميه “تطوير صناعة الأسلحة”، التي يصفها خبراء التسليح بأنها رديئة وخطيرة على مستخدميها.