تقرير خاص
لم تكن صنعاء ليلة الرابع والعشرين من أغسطس هادئة؛ فقد دوّت أصوات الانفجارات في سماء العاصمة إثر غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت القصر الرئاسي ومحطات الكهرباء ومخازن الوقود. في لحظة، تحولت الشعارات المرفوعة في ميادين “دعم غزة” إلى مشاهد دماء وركام.بين “مغامرات الحوثيين” العسكرية في الإقليم، وصراعاتهم الداخلية مع الأحزاب، يعيش اليمنيون مأساة يومية عنوانها انقطاع الكهرباء، غلاء الوقود، والخوف من المجهول.
المدنيون الثمن
جاءت الغارات الإسرائيلية على صنعاء بعد إعلان الحوثيين إطلاق صاروخ عنقودي باتجاه إسرائيل – في أول استخدام من نوعه منذ عام 2023. الرد الإسرائيلي كان قاسيًا، إذ استهدفت الضربات مواقع حيوية، وأدت إلى سقوط ما لا يقل عن عشرة قتلى وعشرات الجرحى، معظمهم من المدنيين.يقول “محمد. س”، سائق أجرة في صنعاء لموقع الوعل اليمني:
“لم أفهم لماذا نُقصف نحن هنا. هل ذنبنا أننا نعيش تحت حكم الحوثي؟ حياتنا توقفت، لا كهرباء ولا وقود، والأسعار تضاعفت في ساعات.”
أزمة سياسية
لم يقتصر المشهد على التصعيد الخارجي؛ ففي 20 أغسطس، أقدم الحوثيون على اختطاف الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام غازي الأحول ومدير مكتبه، للضغط على الحزب لإقصاء أحمد علي عبد الله صالح.
رافق ذلك حملة تحريض دينية في المساجد، وصفت أنصار المؤتمر بأنهم “أعداء الله والصهاينة والأمريكان”. يصف محلل سياسي في عدن هذه الخطوة بأنها:”رسالة واضحة أن الحوثيين لا يقبلون شريكًا سياسيًا، وأن أي معارضة داخلية ستُواجه بالقمع والوصم الديني.”
استغلال غزة
نظمت الجماعة مسيرات ضخمة في ميدان السبعين بصنعاء تحت شعار ثابتومع غزة”. رفعت خلالها أعلام فلسطين ولافتات ضد أمريكا وإسرائيل.لكن خلف تلك الحشود، يرى ناشطون أن الهدف كان كسب تعاطف شعبي وتبرير تصعيد خارجي يعرض اليمنيين للخطر.تقول الناشطة الحقوقية “سماء المخلافي لموقع الوعل اليمني ان “:
“قضية فلسطين عادلة ولا خلاف على ذلك، لكن الحوثيين يحولونها إلى غطاء لمغامراتهم، بينما يتركون اليمنيين بلا كهرباء ولا غذاء.”
الأثر الإنساني
- انقطاع الكهرباء تدمير محطات الطاقة أدى إلى ظلام شامل في أحياء صنعاء.أحدث ارتفاع أسعار البنزين والديزل بأكثر من 40% بعد تدمير المخازن.عائلات بأكملها تعيش الخوف والرعب في الأحياء المستهدفة، فيما ينام آخرون على ضوء الشموع وسط رعب من تكرار القصف اضافه الي كوارث الامطار والفيضانات التي اغرقت , الشوارع وتشققت البيوت .، لتتضاعف المعاناة.
تقول “أم عبد الله”، ربة منزل من حي الحصبة:”كل يوم مأساة جديدة… أمس فيضانات، واليوم قصف، وغدًا لا نعرف ما ينتظرنا. أطفالي يسألونني: لماذا نحن؟ ولا أملك جوابًا.”
المشهد الإقليمي
يرى مختصون أن الحوثيين يحاولون تقديم أنفسهم كجزء من محور المقاومة ضد إسرائيل، لكن على أرض الواقع:
- اليمنيون يدفعون الثمن بانهيار الخدمات والأمن.الاقتصاد يترنح مع تراجع الريال وانقطاع الشحن التجاري من البحر الأحمر.المشهد السياسي يزداد قتامة مع قمع الأحزاب وتوظيف الدين كسلاح سياسي.
في اليمن، حيث يعاني أكثر من 70% من السكان من انعدام الأمن الغذائي، يتحول كل تصعيد جديد إلى ضربة قاسية لآمال السلام والاستقرار.وبينما يرفع الحوثيون شعارات “القدس وغزة”، تظل صنعاء وعدن وتعز غارقة في الظلام والجوع والخوف.السؤال الذي يردده المواطنون اليوم:
“إلى متى ستظل دماؤنا وأحلامنا رهينة مغامرات لا علاقة لها بحياتنا اليومية؟”