تقرير خاص
لا يمر يوم 21 سبتمبر على اليمنيين إلا بوصفه يوم النكبة، اليوم الذي سقطت فيه الدولة وتحوّل الوطن إلى ساحة صراع بلا نهاية. قبل أحد عشر عاماً، اجتاحت جماعة الحوثي العاصمة صنعاء وأسقطت مؤسسات الجمهورية، لتبدأ مرحلة مظلمة من القمع والتجويع والنهب وإحياء مشروع الإمامة بثوب جديد. ومنذ ذلك اليوم، لم يذق اليمنيون سوى مرارة الحرب والفقدان، ولم يعد 21 سبتمبر في وجدانهم سوى وصمة عار وحزن ودموع.
أصوات من الشارع اليمني
عبد الرحمن – موظف حكومي متقاعد من صنعاء يقول للوعل اليمني: “كنت أظن أن الجمهورية محمية بدماء الشهداء. لكن في 21 سبتمبر رأيت كيف سقطت الدولة أمام ميليشيا تحمل مشروعاً ظلامياً. من ذلك اليوم لم نعرف سوى الفقر والبطالة والجوع.”
أمينة سعيد – معلمة من تعز: “بالنسبة لي هو تاريخ أسود دمّر التعليم. توقفت رواتبنا، وتحولت المدارس إلى ثكنات عسكرية. كثير من طلابي ذهبوا جبهات ولم يعودوا. كلما جاء 21 سبتمبر أبكي وأنا أتذكر وجوههم.”
ليلى عبد الوهاب – طالبة جامعية تقول لموقع الوعل اليمني:
“هو تاريخ علّمني أن الأوطان تُسلب إذا سكتنا. منذ ذلك اليوم ونحن نعيش انقسامات وحروب، لكننا أيضاً تعلمنا أن نحمي جمهوريتنا بأرواحنا.”
قصص إنسانية مؤلمة
تجلس “أم هشام” في بيتها بصنعاء وهي تضم صورة ابنها الطالب الجامعي، الذي اختطفه الحوثيون قبل عامين بتهمة “رفض حضور الدورات الطائفية”. تقول:”كل 21 سبتمبر بالنسبة لي يعني المزيد من الألم. أخذوا ابني لأنه قال لا. لم أره منذ سنتين. لا أعرف هل هو حي أم قتيل. هذا الانقلاب خطف حياتنا.”
ويروي “محمد الهمداني” كيف فقد ابنه (14 عاماً) بعد أن جندته الميليشيا:”قالوا له تعال احضر دورة صيفية، وبعد شهرين سلّموني جثمانه. لم أعرف كيف مات، فقط كتبوا في الورقة أنه’ استشهد في الجبهة‘. 21 سبتمبر بالنسبة لي هو اليوم الذي قتل طفولته.”
“عبدالله ناصر”، شاب في العشرين من عمره فقد ساقه في معارك مأرب، يقول:”أنا ضحية 21 سبتمبر. لولا الانقلاب لما حملت السلاح، لما خسرت رجلي، لما شُرّد أهلي. هذا اليوم ليس عيداً، إنه لعنة.”
الصحفية نبيلة أحمد تؤكد لموقع الوعل اليمني: “21 سبتمبر كان انقلاباً على ثورة سبتمبر المجيدة، ومحاولة لطمس هويتها. الحوثي يحاول إعادة الإمامة بوسائل عسكرية وطائفية، لكن الوعي الشعبي يتنامى يوماً بعد يوم.”
الدكتور علي – بجامعة صنعاء: “ما جرى لم يكن صراعاً عادياً على السلطة، بل مخططاً لإعادة اليمن إلى الوراء ستين عاماً. لكن ما لا يدركه الحوثي أن الشعب الذي أسقط الإمامة بالأمس قادر أن يسقطها من جديد.”
الناشطة ابتسام عبد الله: “نكبة 21 سبتمبر أثرت بشكل مدمر على النساء. كثيرات فقدن أزواجهن وأبناءهن، وأخريات عانين من الاعتقال والإقصاء. لكن المرأة اليمنية صامدة، ولن تسمح بعودة العبودية.”
بين وجع الأمهات اللواتي ينتظرن أبناءهن، وصوت المعلمين الذين فقدوا مدارسهم، وأحلام الأطفال التي دفنت في الجبهات، يبقى 21 سبتمبر ذكرى جرح ينزف في وجدان اليمنيين. هو يوم الانكسار الذي أراد الحوثي تحويله إلى انتصار، لكنه ظل وصمة نكبة في ذاكرة الشعب.
اليمنيون اليوم يتشبثون بجمهوريتهم كخيط النجاة الأخير، ويرددون أن ثورة 26 سبتمبر ستظل حيّة في قلوبهم مهما حاولت الإمامة أن تعود. فالتاريخ علّمهم أن الظلام لا يدوم، وأن الفجر سيشرق مهما طال الليل.