أزمة اقتصادية عالمية جديدة تلوح في الأفق.. العدوان على غزة أبرز أسبابها

في الوقت الذي بدأ العالم في التقاط أنفاسه بسبب آثار جائحة كورونا، تلوح في الأفق الآن أزمة جديدة تهدد سلاسل التوريد العالمية مما أثار تساؤلات بشأن عودة معدلات التضخم للارتفاع من جديد.

وتتعرض سلاسل التوريد العالمية لضغوط من جديد مع تزايد التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بسبب تصاعد وتيرة الحرب الإسرائيلية على غزة التي دخلت عامها الأول، وما صاحبها من هجمات للحوثيين على السفن التي ترتبط بإسرائيل، والجفاف الذي ضرب مناطق في أمريكا الوسطى وما تبعه من تداعيات على وتيرة النقل في قناة بنما، فضلاً عن إضرابات العاملين التي شهدتها عدة من الموانئ الأمريكية مؤخراً.

صحيفة الغارديان البريطانية، نشرت الخميس 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تقريراً سلَّط الضوء على الضغوط التي تتعرض لها سلاسل التوريد العالمية.

وقال التقرير: “في حين أن الوباء الذي قلب التجارة العالمية رأساً على عقب من خلال عمليات الإغلاق والقيود على السفر لا يزال حاضراً في الأذهان، فإن سلاسل التوريد الدولية تتعرض مرة أخرى للضغوط”.

لماذا تتعرض سلاسل التوريد للضغوط؟

واجهت شركات النقل والشحن العالمية عدداً متزايداً من المشكلات في نقل البضائع خلال العام الماضي نرصدها في النقاط التالية.

    1- الحرب الإسرائيلية على غزة والتوترات في البحر الأحمر

    2- انخفاض حركة النقل في قناة بنما

قناة السويس
قناة السويس تأثرت بتوتر البحر الأحمر/ الأناضول

3- إضراب عمال الموانئ الأمريكية

ما تأثير هذه الضغوط حتى الآن؟

كان التأثير الأكبر لهذه الاضطرابات على تكلفة نقل البضائع بالنسبة للشركات.

وتواجه شركات الشحن التي تختار طريق رأس الرجاء الصالح زيادة قدرها 40% في تكاليف الوقود، في حين ارتفعت أسعار الحاويات أيضاً.

وبحسب شركة زينيتا، بلغت أسعار الشحن الفوري لحاويات الشحن مقاس 40 قدماً بين شرق آسيا وشمال أوروبا 8587 دولاراً للحاوية عندما بلغت السوق ذروتها في يوليو/تموز- بنسبة 468% أعلى مما كانت عليه في ديسمبر/كانون الأول 2023، قبل تصعيد هجمات الحوثيين.

وقد أثرت بالفعل إضرابات الموانئ الأمريكية على أسعار الحاويات من شمال أوروبا إلى الساحل الشرقي لأمريكا، حيث بلغ متوسط تكلفة الحاوية مقاس 40 قدماً 2861 دولاراً يوم الثلاثاء، مقارنة بـ 1836 دولاراً في نهاية أغسطس/آب.

وقد أدى الاضطراب، وخاصة في البحر الأحمر، إلى إطالة فترات الانتظار للشركات.

مشاهد مروعة لمجمع الشفاء

الدمار الذي خلّفه جيش الاحتلال بعد انسحابه من مجمع الشفاء (الأناضول)

وفي وقت سابق من هذا العام، قال المصنعون وتجار التجزئة إن تحويل المسار حول أفريقيا لتجنب البحر الأحمر أضاف 4 أسابيع إلى أوقات التسليم.

واضطرت شركات صناعة السيارات مثل فولفو وتيسلا إلى تعليق خطوط الإنتاج بسبب نقص الأجزاء نتيجة للاضطرابات.

ما هو مستقبل أسعار النفط؟

ارتفعت أسعار النفط لليوم الثالث على التوالي لتقترب من 76 دولاراً للبرميل يوم الأربعاء، مقارنة بـ 71 دولار في بداية الأسبوع. ويعتقد بعض المحللين أن السعر قد يتجاوز 80 دولار خلال أيام.

وتستعد السوق لتهديد محتمل لإنتاج النفط الخام الإيراني من خلال رد إسرائيلي على البنية التحتية النفطية الإيرانية. وتقدر جولدمان ساكس أن إيران قادرة على إنتاج مليون برميل من النفط يومياً. ولكن قد يحدث المزيد من الاضطراب في الإمدادات إذا أثرت المشاكل التي تواجه طرق الشحن الرئيسية عبر البحر الأحمر على صادرات النفط الخام من منطقة الشرق الأوسط الأوسع.

وقد حذر بنك جولدمان ساكس من أن انقطاع تجارة النفط عبر مضيق هرمز من شأنه أن يؤدي إلى “ارتفاع كبير في أسعار النفط”.

أزمة سلاسل التوريد في 2021 أدت لارتفاع كبير في الأسعار/رويترز نهائي

هل من الممكن أن يبدأ التضخم بالارتفاع مجدداً؟

في الوقت الذي يأمل فيه المراقبون في مزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي في اجتماعيه المقبلين في نوفمبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، هناك  مخاوف تتمثل في تصاعد المخاطر الجيوسياسية، والتي قد تزيد تعقيدات سلاسل التوريد بين الشرق والغرب.

ومن شأن هذه المخاوف أن تعطل وصول السلع إلى الأسواق النهائية وتذبذب المعروض، وبالتالي عودة التضخم بشكل تدريجي، وإعادة النظر في مسارات خفض الفائدة، وفق تقرير لوكالة الأناضول.

فأول أداة للبنوك المركزية لكبح التضخم المرتفع هو رفع أسعار الفائدة، بهدف تقليل الاقتراض وسحب السيولة من الأسواق إلى البنوك على شكل ودائع مصرفية.

ولم يغفل صناع السياسة النقدية في البنوك المركزية العالمية عن الإشارة إلى المخاوف الجيوسياسية، وتأثيرها على إرباك قراراتهم بشأن أسعار الفائدة، والوصول إلى نسب عادلة للتضخم تتماشى مع أهداف بلدانهم.

Exit mobile version