شهادات وأدلة على كذب رواية الاحتلال بشأن مجزرة شارع الرشيد

قال البيت الأبيض، الجمعة، إنّه لا يملك معلومات كافية بشأن تصريحات جيش الاحتلال التي زعم فيها أن شهداء “مجزرة الطحين” التي وقعت في شارع الرشيد بمدينة غزة سقطوا نتيجة التدافع بينهم من أجل الحصول على المساعدات، وسط تشكيك برواية جيش الاحتلال حول المجزرة.

وحاول المتحدث باسم جيش الاحتلال التنصل من مسؤوليته عن الجريمة المروعة بنشر مقطع فيديو جوي مجتزأ والادعاء أن التدافع والدهس كانا سبب استشهاد هذا العدد الكبير من المدنيين الفلسطينيين.

ونقلت وكالة “رويترز” عن متحدث في البيت الأبيض قوله: “لا توجد لدينا معلومات كافية للتحقق من تعليقات الجيش الإسرائيلي بأن التدافع تسبب في سقوط قتلى في واقعة المساعدات أمس”.

رواية الاحتلال “غير متّسقة”
وفي السياق، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن تعليقات المسؤولين الإسرائيليين بشأن مجزرة الطحين “كانت غير متّسقة، وحملت معلومات متناقضة في كثير من الأحيان”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله في البداية إنّ مصدر النيران لم يكن دبابة بل بنادق، فيما أشار مسؤول عسكري آخر إلى أن دبابة إسرائيلية هي التي أطلقت طلقات تحذيرية وشرعت القوات في إطلاق النار على الحشد، فيما استعرضت الصحيفة تصريحات مسؤول عسكري ثالث لمحطة إذاعية فرنسية، زعم فيها أن جنود الاحتلال ردوا على إطلاق النار عليهم.

من جهتها، أقرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية بأن المشاهد المصورة الجزئية التي نشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى مقاطع أخرى نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا تشرح بشكل كامل تسلسل الأحداث.

وذكرت الصحيفة أن جيش الاحتلال نشر أجزاء من فيديو طائرة بدون طيار ورفض تقديم “لقطات غير معدّلة”، ما يعزز فرضية التلاعب و”زاد من الارتباك حول تسلسل الأحداث”.

أدلة على تورط جيش الاحتلال
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد استعرض أدلة على تورط جيش الاحتلال في مجزرة الطحين التي وقعت في مدينة غزة، مؤكداً، الخميس، أنّ العشرات من الضحايا تبين أنهم مصابون بأعيرة نارية وليس نتيجة الدهس أو التدافع كما ادعى الناطق باسم جيش الاحتلال، الذي تحدث عن رواية الدهس دون أن ينفي عملية إطلاق النار المثبتة في مقاطع فيديو وثقت ما حدث.

وأبرز “الأورومتوسطي” أربعة دلائل تؤكد تورط جيش الاحتلال في جريمة قتل وإصابة المدنيين الجياع:

وقال ستيفان دوجاريك إن “الشفاء استقبل أمس أكثر من 700 جريح، منهم 200 لا يزالون في المستشفى، ووقت هذه الزيارة أبلغهم موظفو المستشفى أنهم استقبلوا 70 جثة لأشخاص قتلوا أمس” بعد المجزرة التي حدثت أثناء توزيع مساعدات.

ولم يوضح المتحدث إن كان أعضاء الفريق قد فحصوا الجثث، لكنه أكد أنهم رأوا “عددا كبيرا من الجروح الناجمة عن أعيرة نارية لدى المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج”.

شهادات من المجزرة
ونقلت وكالة “رويترز” عن أربعة شهود كانوا في المكان وقت وقوع المجزرة قولهم إنّ قوات الاحتلال الإسرائيلية أطلقت النار عليهم، وتحدث بعضهم عن دبابات وطائرات مسيّرة أطلقت النيران.

وقال أحد الشهود، وهو محمود أحمد، إنّه انتظر منذ مساء الأربعاء القافلة التي وصلت صباح أمس الخميس، وإن الجوع أجبره على المخاطرة بالذهاب إلى مكان وصول الشاحنات على أمل الحصول على الطحين لأطفاله. ومع وصول شاحنات المساعدات إلى شمال غزة، توجه نحوها، لكن دبابة وطائرة مسيّرة، على حد قوله، بدأتا في إطلاق النار.

وأضاف: “ذهبنا من الساعة السابعة مساءً وبقينا حتى اليوم التالي، وعندما جاءت المساعدات وتجمعنا للحصول عليها، بدأت الدبابة والطائرة المسيّرة تطلق النار علينا، فأصبت في ظهري وبقيت أنزف لمدة ساعة”. وتابع: “عندما دخلت المساعدات بدأت الدبابة والمسيّرات الإسرائيلية تطلق النيران على الأشخاص المتجهين للحصول على لقمة عيش لأولادهم”.

وأوضح شاهد آخر، وهو جهاد محمد، أنّه كان ينتظر عند دوار النابلسي على طريق الرشيد الساحلي، وهو طريق التوصيل الرئيسي إلى شمال غزة.

وحين سُئل عمّا إذا كان جيش الاحتلال تعمد إطلاق النار، أجاب محمد: “صحيح، سواء دبابة أو جنود أو طيارة، كله كان يطلق النيران”.

وكان سامي محمد، الشاهد الثالث، ممن جاؤوا على طريق الرشيد مع ابنه انتظاراً لوصول قافلة المساعدات. وأوضح أنه كان برفقة ابنه ينتظران على شارع الرشيد المساعدات عند الساعة الثالثة ونصف، وبدأ جيش الاحتلال بإطلاق قذائف على الناس.

ما حدث سيؤثر على جهود التهدئة؟
ومع تصاعد الإدانات الدولية عقب المجزرة، رجحت وسائل إعلام إسرائيلية أن تؤثر المجزرة على جهود التوصل إلى وقف إطلاق نار وإنجاز صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس.

وقال صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إنّ ما حدث يوم الخميس يمكن أن يعرقل قدرة جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه.

من جهتها، رجحت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن تغير المجزرة مسار الحرب على قطاع غزة، قائلةً إنّ “التفسيرات الإسرائيلية لما حدث تأخرت كثيراً، ومن المشكوك فيه أن تستطيع إقناع أحد”.

المصدر: العربي الجديد

Exit mobile version